المدارس الخاصة نكثت بوعدها توقيع البروتوكول: الأساتذة إلى الإضراب

تتجه نقابة المعلمين إلى إعلان الإضراب المفتوح في المدارس الخاص بدءاً من يوم الإثنين المقبل، بعدما رفضت المدارس الخاصة توقيع البروتوكول الذي تم التوافق عليه يوم الأربعاء في وزارة التربية. رضيت النقابة بحلول حبية ومؤقتة، لا تغني الأساتذة المتقاعدين ولا تغذي صندوق التعويضات، وقبلت بالبروتوكول الذي ينص على دفع المدارس 60 مليار ليرة شهرياً للصندوق بطرق التفافية على قانون صندوق التعويضات، الذي رده مجلس الوزراء. لكن المدارس نكثت بالاتفاق ولم تحضر لتوقيعه، كما كان يفترض أن يحصل اليوم في وزارة التربية.

تنازل الأساتذة وتشدد المدارس
وفي التفاصيل، تنازل نقيب المعلمين نعمة محفوض مرات عدة، وحاول تلافي الذهاب إلى الإضراب، في المفاوضات التي حصلت مؤخراً. ففي المرة الأولى تراجع عن تدفيع المدارس 8 دولارات في السنة، وتنازل ثانياً عن تدفيع المدرسة نسبة الثمانية بالمئة (مساهمة المدرسة)، وقبِل أخيراً بدفع المدرسة فقط عشرة دولارات عن كل طالب بالسنة. ثم قبل بالمليون ليرة عن كل طالب. ثم تلقى عرضاً أخير قدمته المدارس بدفع 845 ألف ليرة عن كل طالب بالسنة. وعادت الأخيرة ولم تلتزم. والذريعة بعدم توقيع البروتكول أنه غير قانوني. وكانت النتيجة عدم توقيع الاتفاق. 

في المحصلة، رفضت المدارس الحل القانوني وضغطت من خلال المرجعيات السياسية والدينية لدفع مجلس الوزراء لرد القانون. ثم رفضت الحل الحبّي الذي عرضه الوزير عباس الحلبي كنوع من اتفاق بين الأطراف لتأمين 60 مليار ليرة، هدفها فقط ضرب المعاش التقاعدي ستة مرات للمتقاعدين. وتصبح حينها رواتبهم الشهرية مؤقتاً نحو مئة دولار. لكن المدارس عادت ونكثت بالتعهد. ولم يبق أمام النقابة إلا إعلان الإضراب بدءاً من يوم الإثنين المقبل، وسيصدر قرار عن مجلس النقابة بهذا الشأن، في الساعات المقبلة.

مشهد سوريالي
غريب أمر المدارس الخاصة الرافضة للقانون، لأنه يشترط الحصول على براءة ذمة مالية، ويكشف عن مكامن تكديس الأرباح. وعندما يتحقق مطلبها، تعود وترفض الحلول الحبّية. فقد تبين أنها لا تريد التخلي عن مليون ليرة سنوياً، أي نحو عشرة دولارات عن كل طالب، تستطيع تحصيلها من دكان المدرسة، قبل الحديث عن الأقساط بالدولار. فبحجة تحسين رواتب الأساتذة رفعت المدارس أقساطها وحملت الأهالي أقساطاً من خارج الموازنة بالدولار. ليس هذا فحسب، بل إن المدارس همت بإعداد أهالي الطلاب لدفع هذه الأموال التي يحتاجها الصندوق. وكانت بصدد توقيع الاتفاق. لكن وبما أن وزير التربية كان متشدداً بعدم طلب أي مدرسة أي مبلغ من الأهل، لم يحضر ممثلو المدارس لتوقيع الاتفاق اليوم. وهذا يفتح الباب على المزيد من التنازل أمام ضغوط المدارس، الراغبة بتأسيس صناديق داخل كل مدرسة لجمع الأموال، وعدم دفعها مباشرة لصندوق التعويضات. وحينها تفتح بازاراً جديداً لتحصيل أموال من أهالي الطلاب بشتى الحجج، وعلى ظهر المتقاعدين.

لا بديل عن القانون
النائبة حليمة القعقور، عضوة لجنة التربية النيابية، لم تستغرب ما قامت به المدارس اليوم. ولفتت إلى أن معركة القانون الذي أقره المجلس النيابي لم تنته بعد. فثمة تواصل مع محامين للبحث بتقديم طعن لدى شورى الدولة. صحيح أن الرأي الحالي هو أنه لا يمكن الطعن بقرار حكومي، لكن ثمة أمور يمكن العمل عليها.

بدوره النائب في لجنة التربية ادغار طرابلسي أكد لـ"المدن" أنه عندما يعود القانون إلى اللجنة ستعيد لجنة التربية لتأكيد المؤكد. فلا بديل عن هذا القانون لتغذية صندوق التعويضات وضمان حياة لائقة لأكثر من 4800 متقاعد. وأضاف أن البروتوكول (لم توقعه المدارس) لا يحل مكان القانون الذي رده مجلس الوزراء بطريقة غير دستورية إلى مجلس النواب، متجاوزاً صلاحيات هي ملك رئيس الجمهورية. ولا يمكن المدارس التهرب من القانون الذي يلزمها بدفع المساهمات ويستعاض عنه ببروتوكول. فصندوق التعويضات مرفق عام وتغذيته تتم بموجب قانون وليس "سمحة نفس" من المدرسة.

وشرح طرابلسي أن المدارس تريد التهرب من التصريح ومن الكشف على ميزانيتها، فرفضت شرط براءة الذمة. وتلقت المدارس وعداً بإصدار تشريعات لصالحها تتعلق بالضرائب والضمان الاجتماعي. لكن بما يتعلق بقانون صندوق التعويضات لا يمكن التراجع عن ضرورة تصريح المدارس عن الأساتذة بحسب العملة التي يتقاضونها، وتلك التي تحصل من الأهل. والقانون إصلاحي ومن شأنه تأمين الشفافية، ولا سيما لناحية شرط حصول المدرسة على براءة ذمة مالية. وهذا هو بيت القصيد وأكثر ما أزعج المدارس في القانون.

مسؤولية مجلس النواب
لو لم يطلق مجلس الوزراء اليد الطولى للمدارس لما تمكنت من التمادي في رفض الاتفاق الحبي الذي يعيفها من كل شيء ومن واجباتها تجاه الأساتذة. لكن الثغرة التي تعيد الأمور إلى نصابها موجودة. فنشر القانون من قبل مجلس الوزراء إجراء شكلي. وقد ارتكب مجلس الوزراء خطأ جسيماً، فهو وافق على إصدار القانون، ثم عاد ورده إلى مجلس النواب ولم ينشره. لكن مجلس النواب لديه مدة شهر للأخذ أو عدم الأخذ بملاحظات مجلس الوزراء. ويستطيع مجلس النواب إعادته إلى لجنة التربية وثم اللجان المشتركة لعرضه على الهيئة العامة، بعد الأخذ بالملاحظات. لكنه يستطيع، في حال أصر على القانون كما هو، أن يقره من جديد ويصبح نافذاً. أما في حال لم ينعقد المجلس بجلسة تشريعية خلال مدة شهر فيصبح القانون نافذاً أيضاً. بمعنى آخر، بما أن كل القوى السياسية وافقت على القانون وصدر الأخير، يستطيع مجلس النواب ترك القانون من دون إعادة النظر به وفق الأصول الدستورية ويصبح نافذاً. وتعويل الأساتذة على مجلس النواب لكشف التكاذب في حال حصل، ويحمل النواب المسؤولية أمام خمسة آلاف متقاعد.