المدني في "الميكانيزم" لن يغير طبيعة عملها.. 

فيما يستعد لبنان لاستقبال وفد كبير من أعضاء مجلس الأمن الدولي يضم 31 سفيرا وفردا في مهمة استطلاع لتطبيق القرارين الدوليين 1701 و2970، لا تزال البلاد تحت تأثير القرار الرسمي إطلاق مسار التفاوض مع إسرائيل، بعد تكليف السفير السابق سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة "الميكانيزم"، وقد استهلت أول من أمس اجتماعاتها، وسط معلومات عن انعقاد اجتماعها الثاني بعد أسبوعين. وتؤشر الوتيرة المتسارعة إلى رغبة دولية عموماً وأميركية على وجه الخصوص في دفع مسار التفاوض إلى مرحلة أكثر تقدماً، فيما أعربت إسرائيل على لسان رئيس وزرائها عن أبرز عناوينها الكامنة في التوصل إلى علاقات وتعاون اقتصادي، الأمر الذي لا يزال موضع رفض لبناني، انطلاقاً من أن لبنان ليس في وارد التعامل مع هذا الموضوع من منطلق مراعاة مصالح إسرائيل، ولن يقدم على أي خطوات متسرعة تهدد المناخ الهش السائد الساحة الداخلية.

من هذا المنطلق، تؤكد مصادر سياسية مواكبة لعمل "الميكانيزم" عددا من النقاط التي تشكل خريطة عمل الدولة على المدى القريب، أبرزها تمسك لبنان بآليات عمل اللجنة كما وردت في مندرجات تشكيلها وتسميتها. فهي لجنة تقنية - عسكرية تُعرَف بأنها إطار يجمع لبنان وإسرائيل والقوة الدولية "اليونيفيل"، تحت رعاية أميركية - فرنسية، بهدف مراقبة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية. وتم إعلانها رسمياً بعد الاتفاق على اتفاق وقف النار في تشرين الثاني 2024 لتشكّل تطويرا للجنة الثلاثية التي انبثقت من القرار الدولي 1701 بعد حرب تموز 2006.

وتعمل اللجنة قناة تواصل غير مباشر، تُعرض فيها التقارير الميدانية اليومية، وتُناقش الخروق بجميع أنواعها، سواء كانت جوية أو بحرية أو على طول الخط الأزرق. وبحسب وثيقة الأمم المتحدة توكل إليها 4 مهمات أساسية:

-   مراقبة تنفيذ وقف النار.

-   وضع آليات للتحقق والتفتيش في نقاط محددة جنوب نهر الليطاني.

-   جمع المعلومات الميدانية وتبادلها عبر "اليونيفيل".

-   دعم الجيش في عمليات الانتشار والسيطرة على المنطقة الحدودية.

ويتمسك لبنان بالحفاظ على آليات عمل اللجنة وعدم إدخال أي تعديلات عليها، الأمر الذي يعتبره مصدر وزاري انتصاراً للبنان الذي استدرج إسرائيل إلى فخ وقف اعتداءاتها والتزام تنفيذ اتفاق وقف النار، بعد موجة من التصعيد والتهديدات رافقت المشهد الداخلي في المرحلة الماضية.

يقلل لبنان من أهمية الكلام الإسرائيلي على تطوير عمل اللجنة ليتناول العلاقات بين البلدين والتعاون الاقتصادي، ويؤكد وفق المصادر السياسية عينها أن هذا الأمر غير مطروح، أقله في المرحلة الراهنة، لأن التفاوض الجاري اليوم، والذي أطلق مساره رئيس الجمهورية في مبادرته السياسية قبل فترة، يرمي إلى تنفيذ اتفاق وقف النار وتكريسه، لا إسقاطه. وعليه، لن يكون هناك كلام لبناني قبل أن تترجم إسرائيل التزامها تنفيذ الاتفاق.

يعي لبنان أن الكلام الإسرائيلي على تعاون اقتصادي وعلاقات معه، إنما يرمي إلى تسجيل انتصار لحكومة نتنياهو في الداخل الإسرائيلي، وإثارة بلبلة في الداخل اللبناني من أجل تأليب الرأي العام اللبناني ودفعه إلى هذه المرحلة من التفاوض.

والحال أن التطور المحقق في هذا المسار يتمثل بالمشاركة المدنية حصراً وليس بتغيير الآلية وعملها. وهو في الواقع فرصة للجم التصعيد عبر فتح باب التفاوض سبيلاً لتحقيق الاستقرار.

وتدعو المصادر إلى التوقف عند المحادثات التي سيجريها الوفد الأممي في لبنان اليوم، خصوصاً أن ثمة تناقضا في طبيعة ما يحمله بين مطالبته بتطبيق القرار 2970 الذي يبحث في آليات انسحاب "اليونيفيل"، والقرار 1701 الذي يكلف هذه القوة تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي وسحب السلاح غير الشرعي!