المزارع ضحيّة التهريب "المدعوم ضمنياً"... الحمضيات "مثالا"تغرق السوق المحلي

لا يفلت موسم زراعي في لبنان من براثن التهريب، فالمنتوجات السورية تغزو السوق المحلي بكميات كبيرة. وتشكل الزراعة ثالث اهم القطاعات الاقتصادية في لبنان المعروف بنوعية منتجاته التي تعد من الاجود في المنطقة. إشارة الى ان معظم الأصناف المهربة من سوريا الى لبنان كلفتها اقل من كلفة الإنتاج المحلي بنحو 50% وتشمل الحمضيات على جميع أنواعها، ومؤخرا تم ادخال 200 طن من البصل الى لبنان، ما أدى الى ارباك السوق المحلي حيث وجد المزارع صعوبة كبيرة في تصريف انتاجه. والسؤال البديهي الذي يطرح نفسه: لماذا لا يتم التعاون الرسمي بين لبنان وسوريا في المجال الزراعي لقطع الطرق غير الشرعية على جميع عمليات التهريب؟

واقعيا، يجد المزارعون في لبنان ان وزارة الزراعة غير مهتمة بمحاصيلهم، فحتى اللحظة لم يتم وضع خطة طوارئ في حال اندلعت الحرب. وبات التهريب يشكل تهديدا للاقتصاد العام ويؤثر سلبا في القطاع الزراعي تحديدا، بحيث يتم ادخال الإنتاج الزراعي السوري المهرّب الى لبنان بالأطنان.

وتجدر الإشارة الى ان اغلبية تجار الخضر هم من النازحين السوريين الذين يتحكمون بكل شاردة وواردة، ويعوّمون الاسواق المحلية بالبضائع السورية التي يتم طرحها في كل من البقاع والجنوب والشمال بشكل خاص، وهذا يؤدي الى المضاربة والمنافسة الشرسة، فيتلقى الإنتاج اللبناني ضربة قاتلة في صميمه. فالأبواب مشرعة رسميا امام التهريب الذي ينشط على الحدود بين البلدين، وبات مهنة قائمة بحد ذاتها وآخذا في التطور، حتى وكأنه تحول الى تجارة مفتوحة يشمل تهريب البضائع والمنتجات الزراعية والتبغ والمحروقات والطحين وأشخاص وأدوية هجينة المصدر والتركيبة، الى جانب المنشطات الرياضية المضروبة التي تباع بثمن زهيد. هذه الاعمال تحقق أرباحا طائلة لعصابة متمكنة تدفع الرشى لتمرير ما هبّ ودبّ وتقوم بأعمال مخالفة للقانون.

 

الحمضيات السورية تغرق السوق

قال رئيس "تجمع مزارعي البقاع" إبراهيم ترشيشي لـ "الديار": "ان الحمضيات السورية على جميع أنواعها تكتسح السوق اللبناني، وتباع بأسعار أقل من كلفة الإنتاج المحلي بنحو 50%، مشيرا الى ان كيلو الحمضيات المهرب يباع بـ 20 و15 و10 الاف ليرة لبنانية. وهذه الأسعار تخرب بيت المزارع الذي لا يمكنه ان يتقبلها او يتحملها، ولا اعرف صراحة ما الهدف من استقبال هذه الأنواع المهرّبة".

أضاف: "كنا قد حذرنا سابقا ان من يستقبل المنتجات المهربة، حاله كحال المهرب ونحمّله المسؤولية". وطلب من الجمارك والقوى الأمنية المعنية "وضع حد لهذه الكارثة التي تزعزع هذه المرة الأشجار المثمرة المعمرة، التي ما انفك لبنان يتغنى بها منذ عشرات السنين. والمريع ان هذه المشكلة ليست محصورة بموسم ما وينتهي، بل تهدد باقتلاع الشجرة وتيبيسها من جهة المزارع الى ان يهملها ويتركها". وتوجه الى المعنيين "بضرورة التنبه الى خطورة هذا الوضع، وان يتعاملوا مع هذه القضية بجدية وموضوعية".

وتطرق ترشيشي الى بيان وزير الزراعة، واصفا إياه بأنه "لا يسمن ولا يغني، وكان يجب عليه ارسال القوى الأمنية لرصد هذه البضائع المهربة، مع امر قضائي بإقفال المحال وتوقيف المسؤولين عن العمل"، معتبرا "ان البيانات لا تقدم او تؤخر، كما ان وزارة الزراعة لا تفيد المزارع وبعيدة كل البعد عن الازمة الاقتصادية".

 

استيراد البطاطا المصرية

واستكمل قائلا: "استغرب كيف يريد وزير الزراعة مناقشة استيراد البطاطا المصرية في هذه الايام، بينما يجب ان ينتظر حوالى  4 أشهر ليسمح باستيرادها، ولا نعرف الكميات المتوافرة لدينا او الكمية التي يجب ان نستوردها". أضاف: "للأسف لم يطلب رأي النقابات الزراعية في هذا الموضوع، كونها تعتبر الجهة المخولة لتحديد حاجة البلد الى استيراد أطنان من البطاطا، ومتى يجب القيام بذلك ومتى لا".

وتوجه الى وزير الزراعة طالبا منه "تحديد بذور البطاطا التي يجب ان تزرع في هذا الوقت من السنة وتعيين مدة الاستيراد، على ان تبدأ من 15 تشرين الثاني وتستمر حتى نهاية شباط". وذكّر "بالقرار الخاطئ الذي اتخذه الوزير العام الماضي باستيراد البطاطا كل أيام السنة، وهذه الآلية غير موجودة في كل دول العالم عدا لبنان. لذلك المطلوب حاليا تحديد أنواع البذور ومقاساتها، ونتمنى ان تبدأ المقاسات هذه السنة من 35 الى 60، لان الاحجام كبيرة في أوروبا، والأفضل ان تكون بين 35 و55، ولكن للضرورة احكام".

ودعا "الى اعداد خطة طوارئ في حال اندلعت الحرب لتمكين المزارع اللبناني من الصمود في اراضه، بدءا من مزارع الزيتون والخضر في الجنوب وكل لبنان". وطلب "وضع آلية لتسهيل الأمور ولمعرفة المعاملات التي يجب ان يجريها الفلاحون، والطرق البديلة في حال تم فرض حصار بري وبحري وجوي وأُغلقت كل المنافذ في البلد". ودعا "الى اتخاذ قرارات مختلفة ومنظمة تتراوح بين إدارة الموارد البشرية والمالية، وإيجاد أنجع طريقة للتواصل مع جميع الأطراف والشركاء داخليا، الى جانب إجراءات التواصل التي يجب وضعها موضع التنفيذ، في ظل الأوضاع الأمنية الساخنة في المناطق الحدودية الجنوبية".