المصدر: نداء الوطن
الكاتب: كبريال مراد
السبت 18 تشرين الأول 2025 07:29:13
يحضر المشهد اللبناني في واشنطن هذه الأيام. ويبدو وفق المعطيات والمعلومات أنها من المرات القليلة وربما الوحيدة، التي يكون فيها التعاطي مع لبنان بهذه الدرجة من الاهتمام، إذ يلاحظ أنه جزء من الاهتمامات الكثيرة في المنطقة. لقد بات لبنان جزءًا من المشهدية التي يعمل عليها الأميركي، بعدما كان دايفيد هايل يقول حتى الأمس القريب في كتابه «إن لبنان لم يكن يومًا في سلّم الأولويات الأميركية».
ولا يتناقض الاهتمام بلبنان مع الطرح الأساسي الذي هو عمليًا تغيير جذري بالمعادلة الشرق أوسطية، تحت سقف الاتفاقيات الإبراهيمية، وما تعنيه على المستوى السياسي من نفوذ متراجع لإيران ومتفرعاتها، وآخر سعودي أميركي يتقدم ويتوسع حتى يصل إلى درجة من التأثير الكامل على مجريات الأمور.
بناء على ذلك، فقد أصبح لبنان عند مفترق طرق على المستويين السياسي والمالي الاقتصادي.
وقد كانت هذه العناوين حاضرة في اللقاءات اللبنانية في واشنطن، إن من خلال الوفد الحكومي ولقاءاته في صندوق النقد والبنك الدوليين وجهات أميركية، أو عبر اللقاءات التي قام بها النائب إبراهيم كنعان مع المؤسستين الماليتين الدوليتين، والإدارة الأميركية من البيت الأبيض ووزارة الخزانة.
وبحسب المعطيات، لم يكن طريق الوفد الحكومي ميسّرًا مع صندوق النقد، في ضوء ملاحظات جديدة برزت في النقاشات، وسط استغراب الوفد لذلك، والسؤال عن الأسباب.
وكشفت معلومات «نداء الوطن» أن الملف السياسي يتقدّم على أي أمر آخر، ويكاد يكون بوابة الحل، إن لم يكن الممر الإلزامي للحل المالي والاقتصادي والتعافي بشكل عام في لبنان.
من هنا، يبرز ما كان أشار إليه النائب ابراهيم كنعان بعد لقاءاته مع المسؤولين في البيت الأبيض. فقد كان واضحًا أن بناء الدولة ومؤسساتها وبسط سلطتها على كامل الأرض اللبنانية، إن لم يسبق أي حل مالي واقتصادي، فهو في أحسن الأحوال لن يكون إلّا بالتوازي معه. فلا ثقة دولية بشكل عام وأميركية بشكل خاص في أي شكل من أشكال الدولة، إن لم تعالج مسألة السيادة، والمعني فيها بشكل أساسي، سلاح «حزب الله». ولكن ليس سلاح «الحزب» وحده، إذ تبيّن أن كل مظاهر الخروج عن الدولة والقانون كاقتصاد «الكاش» والتهريب والتمويل الأسود لكثير من الأحزاب والنشاطات من خلال «الكاش»، هو أيضًا على سلّم الأولويات.
وبحسب المعلومات، فقد تبيّن خلال هذه اللقاءات، أن هناك تساؤلًا حول القضاء اللبناني ودوره الجدي والحاسم والحازم في اتخاذ القرارات المطلوبة لاستعادة الثقة به أولًا وبلبنان ثانيًا. فلا طائل من التشريع كما قال أحد المسؤولين الأميركيين، إن لم يكن هناك قضاء يحاسب.
وفي معلومات «نداء الوطن» أن الإدارة الأميركية لن تقف مكتوفة اليدين أمام أي محاولة للتمييع أو التملّص من المسؤوليات واتخاذ القرار وتنفيذه. إذ إن هناك من يدرس من جديد رزمة باتت جاهزة، أو على الأقل في مسارها التنفيذي، لفرض عقوبات جديدة والتشدد بتنفيذ القديمة منها.
فكيف سيتعاطى لبنان مع هذه الفرصة غير المفتوحة؟ وهل يسلك طريق الحلول أم يتردد ويتأخر فتضيع عليه الفرصة؟