المنشآت فارغة بمحاذاة جنّة.. واكتراث إسرائيليّ بـ"أنفاق الجنوب"

يتفاقم الغموض الذي يطرح استفهامات على نطاق سياسيّ وشعبيّ في منطقة جبيل تحديداً حول إذا كانت بعض منشآت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان تستعمل تخزيناً للأسلحة والذخائر التابعة لـ"حزب الله"، بعدما كان التقرير الإسرائيلي المتداول عن الأراضي والأنفاق المحاذية لسدّ جنّة قد أسهم في تأجيج التوجّس رغم مرور أشهر على نشره.\

ويأتي الاستيضاح عن الهواجس في مرحلة احتدام قتاليّ ناشب جنوب لبنان، وسط محاذير من اضطرام يضاعف مخاطر الحرب الشاملة. ولم تكن المخاوف اشتدّت لدى السكان إلّا بعدما تفجّرت الضربات العسكرية الإسرائيلية في مناطق مختلفة مستهدفةً المدنيين. وإذا كانت هناك خشية متمحورة حول ما يمكن أن تحويه أنفاق المنشآت، فإنّ أجواء المعطيات الأمنية الشرعية اللبنانية التي استقتها "النهار" تطمئن المواطنين في أنّ الأنفاق المحاذية لسدّ جنّة فارغة تماماً من السلاح ولم يسبق أن استخدمت سابقاً لمبتغى مقلق. ومن ناحيتها، كانت وزارة الطاقة في حكومة تصريف الأعمال أوضحت انتفاء وجود ذخائر حربية في البنى التحتية. وفيما كان التقرير الإسرائيلي حذّر من أن تكون المساحة المتاخمة للسدّ وجهة توضيبية لأسلحة "حزب الله"، يتبيّن أن التحذير الذي تضمّنه التقرير ليس حديثاً وقد انحسرت الإشارة إليه في وسائل الإعلام الإسرائيلية حالياً. ولا يلغي ذلك ضرورة أخذ الحيطة على النطاق اللبناني وأحقيّة قلق سكان المنطقة خصوصاً وسط النشوب الحربيّ المحتدم. وصحيح أنّ وتيرة التداول عن تقرير المنطقة المجاورة لسدّ جنّة قد تراجعت داخل الإعلام الإسرائيلي حالياً، إلا أنّ ثمة ما يشكّل أساساً في فحوى التقارير الاسرائيلية حالياً لناحية أنفاق "حزب الله" في الجنوب اللبناني مع سرد معطيات حول أنها أكثر تعقيداً من بنية الأنفاق في غزّة.

وترجّح التفاصيل المتداولة في بعض الصحف الإسرائيلية أن تشمل الضربات العسكرية عمليات فوق اليابسة وتحت الأرض في حال نشبت الحرب الشاملة على الجبهة الحدودية مع لبنان. واستناداً إلى بعض التقارير العسكرية الاسرائيلية، إنّ الهدف من استخدام القنابل الفوسفورية في ضرب المناطق الزراعية والحرجية الحدودية يكمن في الحدّ من وجود المساحات التي يمكن أن يستعملها "حزب الله" كمخازن للأسلحة أو حتى لإخفاء مداخل الأنفاق جنوباً التي أكّد وجودها مصدر عسكريّ مهمّ عمل في قوات "اليونيفيل" جنوب لبنان سابقاً قبل أن يشغل حالياً منصب خبير عسكريّ في مركز دراسات. ولا تنحسر احتمالات أن توجّه تل ابيب ضربات كبداية للحرب الشاملة نحو الداخل اللبناني في مرحلة مقبلة، وهناك من يدعم هذا التوجّه في الحكومة الإسرائيلية خصوصاً على نطاق وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت فيما يعارض وزراء آخرون ذلك. ورغم أنّ التداول في التقرير الاسرائيلي عن محاذاة سدّ جنّة قد تقلّص، مع الاهتمام الاسرائيلي تحديداً بموضوع الأنفاق جنوب لبنان، لكن ذلك لا يخفّض الحذر في غالبية المناطق اللبنانية وخصوصاً تلك التي تشهد حضوراً لـ"حزب الله".

بحسب اعتبارات رئيس لقاء "سيدة الجبل" النائب السابق فارس سعَيْد الذي كان من بين السياسيين الذين طرحوا تساؤلات حول إذا كانت المنطقة المتاخمة لسدّ جنّة تستعمل توضيباً للأسلحة، فإنّ التحذير سببه أن أماكن سكنية أو مأهولة كانت استخدمت في مراحل سابقة تخزيناً للمتفجرات خصوصاً على نطاق الإهراءات في مرفأ بيروت. ولا يمكن إغفال خشونة المناوشات الحربية الدائرة في الجنوب اللبناني التي ابتعدت أكثر من 50 كيلومتراً عن الحدود، ولا شيء يمنع من أن تشمل الضربات مناطق إضافية. وتجعل كلّ هذه الأوضاع الهاجس في محلّه لدى السكان الذين يريدون توضيحات لبنانية رسمية تسهم في اطمئنانهم. ويردّ فارس سعَيْد على نائب "حزب الله" رائد برّو، قائلاً إن "التصدي للفتنة يحصل في السلوك وبناء الثقة، وأن يكون لدى اللبنانيين حقّ العيش في منطقة آمنة". ويناشد القوى الأمنية ضرورة طمأنة السكان ذلك أن "الموضوع أبعد من السياسة ويستهدف الاستقرار ولا يمكن تجاهل التقارير والتحذيرات الإسرائيلية".

من ناحيته، يضع عضو تكتّل "الجمهورية القوية" النائب زياد الحوّاط الموضوع في تصرّف القوى الأمنية علماً أنه على تواصل دائم مع الأجهزة الأمنية، ويطلب منها التقصّي حول إذا كانت ثمة مخازن للأسلحة في جبيل ككلّ. ويطرح بعض علامات الاستفهام حيال ما يتداول في المنطقة، في قوله إن "مخازن الأسلحة قد تكون موجودة في المنطقة أو سواها وقد لا تكون، من يعلم؟ ما الهدف من الإشارة إلى موضوع مماثل اليوم في مرحلة يشهد فيها البلد مناوشات حربيّة؟".

وبعدما كان تكتل "الجمهورية القوية" قد طالب في التوصّل إلى استراتيجية وطنية دفاعية للتخلّص من فوضى السلاح غير الشرعي، فإن من الواضح لقوى المعارضة أن "حزب الله" لا يزال يخزّن السلاح في أنحاء لبنان وذلك لا يعتبر سرّاً. لا يغيب عن انطباعات الحوّاط أنّ "السلاح قد يكون مخزّناً قي شتّى المناطق اللبنانية ولا أحد يعلم أين يحصل توضيبه.

من الضروري أن تضع الأجهزة الأمنية والقضائية يدها على الملفّ، وأن يجري التوصّل إلى استراتيجية دفاعية حقيقية تضبط السلاح غير الشرعي الموجود لدى "حزب الله". ولا بدّ من أن تكون الدولة صاحبة قرار الحرب والسلم وتحدّد علاقات لبنان الخارجية". وفق الحوّاط أيضاً، إنّ "كلّ الأراضي اللبنانية مهدّدة طالما أنّ هناك حزباً يحوز السلاح ولا أحد يعلم أين يوضّب سلاحه. وربما قد تكون كلّ المناطق اللبنانية وجهة للتوضيب".