المنظومة تقامر بلبنان لمساندة غزة.. من يساند الجنوبيين؟

بمثل العجز الرسمي السياسي والامني عن بت مصير جبهة لبنان الجنوبية المشتعلة منذ عملية طوفان الاقصى والحرب على غزة غير المعروف مداها الزمني، يبدو العجز عن مساندة اهالي القرى الحدودية وقد قرر حزب الله ومناصرو القضية الفلسطينية عسكريا ان يساندوا الفلسطينيين من جبهة لبنان وعلى حساب الجنوبيين الذين اكتووا طوال عقود من الزمن من نيران حروب الغير على ارضهم.

نحو 100 الف مواطن  لبناني نزحوا من الجنوب في اتجاه الداخل منذ اندلاع حرب غزة، وفي صدورهم نقمة عارمة على كل من تسبب بتهجيرهم، يترقبون ساعة العودة على امل الا تطول، غير ان المسؤولين الرسميين في لبنان يبدو تبنوا نظرية الحزب بربط مصير الجنوب بمصير غزة، وفق ما ابلغوا كبار الزوار من المتوسطين الاجانب لمنع توسع رقعة الحرب نحو الداخل اللبناني، غير آبهين بمصير المهجرين الجنوبيين المتروكين لاقدارهم، خلافا للمستوطنين

في شمال اسرائيل ممن غادروا مستوطناتهم في اتجاه الجنوب هربا من صواريخ حزب الله، وقد أمّنت لهم حكومتهم مساكن لائقة واهتمت بحاجياتهم وتوفير كامل مقتضيات الحياة الكريمة.

عدد البلدات المنكوبة في الجنوب ارتفع الى ثمانية  هي، الناقورة،عيتا الشعب، عيترون، مركبا، كفركلا، يارون والعديسة ، توزع اهلها لدى اقارب واصدقاء في مناطق اخرى او توزعوا على مدارس في صيدا والجوار في انتظار لحظة اعلان وقف النار للعودة.

لكن العودة الى اين؟ نصف منازل هذه القرى تهدمت بالقصف والغارات الاسرائيلية والنصف الآخر لم يعد صالحا للسكن . فمن سيتولى مساعدة هؤلاء في اعادة بناء ما تهدم واعمار قراهم في غياب المساعدات العربية للبنان لاسيما الخليجية وتحديدا من السعودية والكويت وقطر...من يؤمن لهم مساكن تأويهم وزراعات بديلة لتلك التي التهمتها نيران القذائف الفوسفورية الحارقة وقد قضت على الاخضر واليابس وخلّفت اثارها السامة لمدى اكثر من عشر سنوات، بحسب ما يؤكد الخبراء البيئيون والزراعيون؟

 ما فعلته اسرائيل في القرى الحدودية ليس سوى مجرد سيناريو لما قد تكون عليه الحرب ان توسعت لتشمل لبنان بأكمله بحسب تهديدات قادتها، كما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية". هي تستهدف منشأت اقتصادية وزراعية ومصانع وحقولا واشجارا مثمرة ومحطات محروقات وحظائر ماشية.  وما زالت تمضي في استهدافاتها هذه لتؤكد ان يدها ليست مشلولة بفعل الضغط الاميركي الممارس عليها ولتثبت للعالم ان المقاومة ليست الرادع لمنع اسرائيل من اقتحام المناطقة الجنوبية والحاق الاذى بها ساعة تشاء بمعزل عما يقرره الاخرون، مهما كانت مواقعهم . وتذكر المصادر هنا بما قاله مسؤول اسرائيلي عن "ان من يصل الى العاروري قادرعلى الوصول الى سواه".

منذ ايام قال وزيرالدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت"ان الوقت ينفذ امام الجهود الدبلوماسية لانهاء التوترات بين اسرائيل وحزب الله"، فيما يصر الحزب على ربط مصير الجبهة الجنوبية بأوضاع غزة على رغم تأكيد الزوار الدوليين ان مطلب اسرائيل ابتعاد الحزب الى شمال الليطاني لا تراجع عنه ، والا فالنتيجة مواجهة عسكرية شاملة.

ازاء هذا الواقع، تسأل المصادر هل للدولة اللبنانية بعد قدرة على تحمل نتائج حرب كارثية مدمرة وهي في اسفل قعر الانهيار؟ ومن سيهب لنجدتها، ان بقي اركان السلطة يراهنون على عدم ارتكاب اسرائيل خطأ مماثلا، فعاجلهم نتنياهو الساعي الى انقاذ نفسه من المحاسبة بهجوم مدمّر؟ هل الجمهورية الاسلامية الفاقد شعبها ابسط مقومات العيش من كهرباء وماء يطالب حكومته بتأمين الضروريات بالحد الادنى، والساحة الايرانية الداخلية مكشوفة على التفجيرات وجريمة كرمان قرب مقبرة قاسم سليماني خير دليل؟ ام ان الرهان على مساعدات عربية انقضى زمانها، ما زال قائما في عقول مسؤولين يقامرون بلبنان وشعبه من دون وازع؟