انتخابات طرابلس الفرعية: الأنظار لا تتجه الى المستقبل.. إنما الى مكان آخر!

لم يحدد موعد الانتخاب الفرعي في طرابلس لملء المقعد الذي شغر بإبطال نيابة ديما جمالي. تيار المستقبل لم ينتظر تحديد هذا الموعد وباشر حملته عبر شد عصب أنصاره وإعادة «تزييت» ماكينته الانتخابية، بعدما أقفل ثغرة النائب محمد كبارة ومشروع استقالته التي تعامل معها كـ «مزحة ثقيلة» وجمعية المشاريع (الأحباش) تنتظر تحديد موعد الانتخابات لإعلان قرارها الصعب الذي لم تتخذه حتى الآن، مع أنها المعنية الأولى بهذا الانتخاب، وهي صاحبة الطعن الذي ربحته من دون أن تربح المقعد.

الأنظار لا تتجه الى «المستقبل» و«الأحباش» في طرابلس، وإنما الى مكان آخر:

٭ أولا: الى الرئيس نجيب ميقاتي الذي يشكل القوة المرجحة شعبيا وانتخابيا، وفي يده مفتاح الفوز المضمون لمرشح المستقبل. وإذا كان موقف الرئيس ميقاتي يتجه الى دعم المستقبل في ترشيح ديما جمالي، فإنه موقف متوقع وينسجم مع مسار العلاقة الجديدة بين ميقاتي والحريري، والتي تطورت من الخصومة الى الصداقة السياسية والشخصية.

٭ ثانيا: الى اللواء أشرف ريفي الذي تعرض في الانتخابات الأخيرة الى ضربة قوية و«شبه قاضية» عندما فشل في دخول البرلمان وفي الإفادة من قانون نسبي يعطيه فرصة الفوز، لينكشف حجمه الشعبي وتراجعه الدراماتيكي الناجم عن عدة أسباب سياسية ومالية، خصوصا عدم وصول الدعم السياسي والمالي الذي انتظره الخارج وراهن عليه.

يشكل الانتخاب الفرعي فرصة سانحة لريفي لاستعادة مقعد نيابي ثمين، وللعودة الى المعادلة السياسية من باب طرابلس والشمال. ويدرس ريفي قراره جيدا ويجري مشاورات مع مساعديه وأصدقائه ويسمع منهم ثلاثة أنواع من النصائح والآراء:

ـ هناك من يدعوه الى عدم تفويت هذه الفرصة التي سنحت ولا تتكرر وخوض معركة «رد الاعتبار» طرابلسيا وسياسيا.

ـ هناك من يدعوه الى عدم خوض المعركة إذا لم تكن مضمونة والتحول الى دعم مرشح المستقبل في بادرة حسن نية تجاه الرئيس سعد الحريري، فتكون الانتخابات فرصة ومناسبة لإعادة وصل ما انقطع بينهما، بعدما كانت القطيعة قد انكسرت على المستوى الشخصي بعد حصول اتصالين: اتصال الحريري بريفي للاطمئنان إثر حادث سير تعرضت له ابنتاه.. واتصال ريفي بالحريري لشكره.

ـ هناك من يحض ريفي على خوض «معركة سياسية» من دون حسابات مسبقة تتعلق بفرص الفوز والنتيجة، وهذه المعركة تخاض بشعار التعبئة السياسية ضد حزب الله وإيران، وتهدف الى الفوز بمقعد سني نافر يكون موازيا للمقعد الشيعي النافر الذي شغله النائب جميل السيد. وهكذا يتحقق التوازن الشكلي في البرلمان بين لواءين، أحدهما نائب حالي وآخر وزير سابق، الأول يمثل التشدد الشيعي ضد الحريرية السياسية، والثاني يمثل التشدد السني ضد حزب الله.

ريفي حدد 14 الجاري موعدا لإعلان موقفه نظرا لما ينطوي عليه هذا اليوم من رمزية وطنية وسياسية، ولكنه بدأ يعطي إشارات الى أنه يتجه صوب إعلان ترشيحه، قبل أيام أوصلت ديما جمالي في مقابلة لها تحية للواء ريفي الذي علق على ذلك بالقول: «كل التحية للسيدة جمالي، لكن الانتخابات هي استحقاق واختبار كبير نحن المعنيين به بهدف أن تقول طرابلس كلمتها على مستوى المدينة وعلى مستوى الوطن، وسنكون على قدر التعامل مع هذا الاستحقاق بمسؤولية تتجاوز الحسابات الشخصية الضيقة، فهذا استحقاق ديموقراطي والكلمة لأهل طرابلس».