بانتظار سفينة الحفر: هل وطأت "توتال" أرض الجنوب؟

في شهر تشرين الأول من العام الماضي زار وفد من شركة "توتال" الفرنسية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في بعبدا، لوضعه في أجواء خطط التنقيب في المياه اللبنانية، حيث أعلن الوفد أن "منصة الحفر ستُستقدم ابتداءً من العام 2023 لبدء الاستكشاف والتنقيب، وفق النصوص الواردة في الاتفاق مع هيئة قطاع البترول في لبنان".

"توتال" أخلت بوعدها سابقاً.. فهل تكررها؟
لم تعط الشركة يومها تاريخاً دقيقاً لبدء العمل، إلا أن الرئيس التنفيذي لشركة "توتال إنرجيز"، باتريك بويانيه، كشف نهاية الشهر الماضي خلال الاحتفال بتوقيع كونسورتيوم ثلاثي يضم "قطر للطاقة" و"إيني" و"توتال"، أن الشركة حريصة على بدء العمل في المنطقة التاسعة قبالة سواحل لبنان "في أقرب وقت ممكن"، وأن حفر الآبار سيبدأ في الربع الثالث من عام 2023.

لا تزال المواعيد المضروبة غير دقيقة، حسب مصادر مطّلعة على ملف النفط والغاز، وذلك مردّه إلى نية "توتال" ربط بدء العمل بالوضع السياسي في لبنان، معتبرة أن الشركة التي وقعت العقود مع لبنان في شباط عام 2018، ولم تبدأ عملها في البلوك 9 لأسباب سياسية، لن تجد صعوبة في التنصل من مواعيد بدء الحفر حالياً.

وتُضيف المصادر عبر "المدن": "عندما تم توقيع العقود مع توتال والتحالف النفطي، سأل المسؤولون عن رأي الشركة الفرنسية بالنزاع الحدودي مع العدو الإسرائيلي، وما إذا كان سيؤثر على عملها، وكان الجواب على لسان أحد أبرز المسؤولين فيها، وهو رئيس أنشطة الاستكشاف والإنتاج بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالشركة، بأن البئر ستُحفر في المنطقة رقم 9 الواقعة على بعد ما يزيد على 25 كيلومترا من الحدود، ولا يوجد سبب يدعو لعدم المضي قدماً".

طارت الوعود ولم تُنفّذ، وبدأ استخراج الغاز والنفط الخام من حقل كاريش، الذي تبيّن أنه يمتاز بإنتاج كميات من النفط المُذاب السائل، أي النفط الخام، وهو ما تم بيعه في الأيام الماضية بعد أن تم تجميع 700 ألف برميل منه.

خيرات كاريش خرجت
بدأت تستفيد اسرائيل من خيرات كاريش، فيما يستعد اللبنانيون لاستقبال سفينة توتال للمسح البيئي Janus II في مرفأ بيروت يوم غد الجمعة، بعد دعوة وجهتها وزارة الطاقة والمياه إلى الصحافيين الراغبين بالقيام بزيارة ميدانية إلى السفينة بحضور وزراء الطاقة والأشغال والبيئة، بعد إنهاء عملية المسح في منتصف البلوك رقم 9 حيث يُفترض أن تبدأ عملية الحفر.

عملية المسح هذه خطوة طبيعية وضرورية بسياق العمل ككل، يقول الخبير الاقتصادي المتابع للملف النفطي، مارك أيوب، مشيراً في حديث لـ"المدن" إلى أن العملية هذه تهدف لدراسة نماذج التربة في المنطقة التي سيتم فيها الحفر من أجل إعداد دراسة الأثر البيئي، وهي لا تعني إطلاقاً أن التنقيب بات قريباً.

ويضيف أيوب: "ستعدّ الشركة بعد عملية المسح هذه تقاريرَ تُرسل إلى هيئة البترول ووزارتي الطاقة والبيئة للحصول على رخصة بالحفر"، مشدداً على أن الأساس يبقى موعد وصول سفينة الحفر، والتي لم يتم حجزها بعد، وبالتالي قد نحتاج إلى 5 أشهر على الأقل لحجزها ووصولها إلى لبنان، ما يعني أن الأمور قد تؤجل إلى نهاية الربع الثالث من العام (نسبة لتصريح "توتال").

بوادر وصول "توتال" إلى الجنوب
عندما تنوي شركة "توتال" إطلاق مراحل عملها في البحر اللبناني، سيكون لها تواجد أكيد في منطقة جنوب لبنان. وفي هذا الإطار وصلت معلومات إلى "المدن" عن تفاوض يجري بين ممثلي الشركة وأحد الفنادق القريبة من منطقة الناقورة، ليكون مقراً لموظفي الشركة عند إطلاق المشروع، من دون أن تؤكد ما إذا كان تم الاتفاق النهائي بين الطرفين. من جهتها تنقل مصادر جنوبية عن أجهزة الأمن في مدينة صور، عدم علم الأجهزة بأي نشاط قريب لشركة "توتال" في المنطقة.

بدأ تصدير الغاز والنفط الخام في اسرائيل، وأنهى لبنان عملية المسح البيئي في البلوك 9. لربما يكون من سخرية القدر أن نضع هذين الإنجازين في عبارة واضحة، فهي تعني بوضوح أن العدو يسبقنا بسنوات من العمل والإنجاز، فهو يُنتج، ونحن ننتظر أن تصدق وعود شركة "توتال".. أو ربما الاستقرار السياسي الصعب المنال حالياً.