بحكم اللا بديل.. "كهرباء زحلة" مستمرّة بإنارة المدينة

بينما كان لبنان يعيش العتمة الشاملة كانت مدينة زحلة وجوارها تنعم بإنارة على مدار الساعة، مع "جودة الفولتاج" والصيانة الدورية التي تبعد شبح الانقطاعات المفاجئة في الأحوال المناخية السيئة، إضافة الى انتظام جباية الفواتير.

فمدينة زحلة منذ عام 1923 بامتياز "كهربائي" حصلت عليه شركة كهرباء زحلة لإدارة قطاع الكهرباء في المدينة و17 بلدة أخرى في نطاقها. ولكن في عام 2018 انتهت صلاحية هذا الامتياز، وصدر القانون رقم 107/2018، الذي نص على تكليف مؤسسة كهرباء لبنان، بتوقيع "عقد تشغيلي" مع شركة كهرباء زحلة لـ"تقديم خدمات تسيير المرفق العام" بما فيه الإنشاءات التابعة لامتيازها المنتهية مدته. وبموجب العقد، طُلب فصل كهرباء لبنان عن كهرباء زحلة باعتماد فاتورتين واحدة لكهرباء لبنان وأخرى لكهرباء زحلة، على أن تؤمن الشركة التيار الكهربائي للمشتركين الواقعين ضمن نطاق امتيازها، وتقديم خدمات توزيع الكهرباء، لمدة أقصاها عامان من انتهاء أمد الامتياز في 31/12/2018. ومنذ ذلك الحين يتم التمديد للعقد وكان آخرها في آذار 2023 حين انتهى العقد التشغيلي مع كهرباء زحلة، وقررت هيئة التشريع والاستشارات الإبقاء موقتاً على العقد الحالي ضمن الشروط نفسها، تأميناً لاستمرارية المرفق العام، وذلك في ضوء عدم إتمام إجراءات استرداد الامتياز من كهرباء لبنان، وعدم إجراء مناقصة عمومية أعلنت عنها مؤسسة كهرباء لبنان ونُشر الإعلان عنها في الجريدة الرسمية بتاريخ 21/7/2022 لتقديم الخدمات الكهربائية ضمن حدود نطاق امتياز زحلة.

وقد اتخذ القرار التمديد بعدما دخلت الشركة في مرحلة المهل الضاغطة، وتالياً لم يعد هناك من حلّ آخر يؤمّن استمرارية إدارة هذا القطاع في المنطقة، حيث لا قدرة لأحد على تحمّل مسؤولية أن تصبح المدينة ومعها 17 بلدة أخرى من دون كهرباء.

ملف "كهرباء زحلة" عاد أول من أمس الى الواجهة من باب تعديل مجلس الوزراء المرسوم الرقم 12916 المتعلق بتحويل إنشاءات امتياز كهرباء زحلة إلى مؤسسة كهرباء لبنان لجهة قيام المديرية العامة للاستثمار في الوزارة بالجردة مع شركة كهرباء زحلة بدلاً من مؤسسة كهرباء لبنان، إذ أضيفت الفقرة الآتية: "تستمر شركة كهرباء زحلة بإنتاج الطاقة وتوزيعها وصيانة وتشغيل المنطقة الجغرافية التي كانت مشمولة بالامتياز كما كانت الحال منذ تاريخ 2019/1/1 وذلك لحين إنهاء المناقصة وتلزيم العارض الفائز واستلامه وفقاً لقانون الشراء العام". فهل هذا التعديل يشي بأن الملف سيعاد تحريكه، وسيُحدَّد موعد جديد للمناقصة؟ مصادر هيئة الشراء العام اعتبرت أن الأمر لا يعدو كونه "تقاذف مسؤولية التقصير ورميها على عاتق جهة بدل جهة أخرى. وتالياً بدل أن تكون المسؤولية على مؤسسة الكهرباء أصبحت على وزارة الطاقة. أما المهم في الملف برأيها فأن ثمة حلقة ضائعة، لأنه إذا صدقت النوايا ويريدون فعلاً التلزيم وفسح المجال بالتكافؤ للمشغل الحالي والمشغلين الجدد، فإنه يفترض إجراء جردة على مواقع العمل لتحديد المنشآت الموجودة، لكي يحدد العارض بدوره السعر وما يجب شراؤه من آليات. ولكن يبدو أنهم يريدون إبقاء الوضع على ما هو عليه، وتالياً لا ضرورة للاسترداد وإجراء كل هذه التعديلات".

وقالت المصادر "بما أن الحكومة تصدر المراسيم، فلماذا لا تصدر مرسوماً باسترداد الامتياز، وإجراء جردة بالموجودات لتعرف ما لها وما عليها، وعلى أساسها تجرى مناقصة ويُبلغ المشاركون فيها بالموجودات والنواقص إن وجدت، لتسهيل المهمة على العارضين لتحديد السعر المطلوب".

وأكدت "وجود تخبط في ملف كهرباء زحلة، إذ إن العارضين الذين كانوا ينوون المشاركة في مناقصة التلزيم سألوا عن المعدات والتجهيزات، وما إن كانت ملكيتها عائدة للدولة أو لصاحب الامتياز من دون أن يلقوا أي جواب، عدا عن أنه لم تجر حتى اليوم أي دراسة للأثر البيئي مع وزارة البيئة".

وأوضحت أن الهيئة أكدت ضرورة "استرداد الامتياز، ودراسة الأثر البيئي، ومن بعدها لم تمانع هيئة الشراء العام إطلاق المناقصة على مسؤولية مؤسسة الكهرباء ووزارة الطاقة، لأن القانون لا يخوّلنا وقفها. فأطلقوا المناقصة، ولكن بعد نحو 9 أشهر على إطلاقها توقفت، بعدما وجّه العارضون أسئلة لم يكن في المستطاع الإجابة عنها، فطلبت مؤسسة كهرباء لبنان تعديل دفتر الشروط، ولكن حتى اليوم لم يُصر الى إجراء الجردة أو دراسة الأثر البيئي".

وأشارت الى أنه منذ إطلاق المناقصة في 6 آذار الماضي عبر منصة هيئة الشراء العام خضعت لتأجيلات عدة أولها كان من 22 أيار 2023 حتى 26 حزيران 2023 لإتاحة الفرصة لمزيد من الشركات لتقديم عروضها بغية تحقيق مبدأ المنافسة، والثاني من 26 حزيران حتى 2 آب 2023 على خلفية الإضراب الذي نفذه عمال ومستخدمو مؤسسة كهرباء لبنان ومصادفته مع الموعد النهائي لمهلة تقديم طلبات الاستيضاح من العارضين المحتملين، ومهلة الرد عليها، أما الثالث فمن 2 آب حتى 6 أيلول ومن ثم الى 19 تشرين الأول 2023 بحجة انتظار الإجابات على الاستيضاحات مؤسسة الكهرباء لكل من وزارتي الطاقة والبيئة، وهيئة الشراء العام، ومجلس الخدمة المدنية، ونقابة عمال ومستخدمي شركة كهرباء زحلة... وفي 19 تشرين الاول جمّد مجلس إدارة مؤسسة الكهرباء المناقصة بحجة "إجراء تغييرات جوهرية على دفتر الشروط، وبناءً على توصية هيئة الشراء العام. ومنذ ذلك التاريخ لم يُحدَّد موعد جديد لها حتى اليوم".

نكد:

على خط شركة كهرباء زحلة، لم يجد المدير العام للشركة المهندس أسعد نكد أن ثمة جديداً طرأ على الملف، ولا تزال الشركة تعمل بموجب العقد التشغيلي الموقّع معها، في انتظار جلاء الأمور وإجراء مناقصة جديدة بعد فشل المناقصة الأخيرة لاعتبارات عدة إن كان حيال طرحها قبل أسبوع من بدء نفاذ قانون الشراء العام، أو حيال الملاحظات على دفتر الشروط، وعدم تقدم أحد للمشاركة في المناقصة حتى شركة "كهرباء زحلة".

وأكد أن مؤسسة الكهرباء استردت "قانوناً" المنشآت عندما انتهى الامتياز في عام 2018 وتم توقيع عقد تشغيل مع كهرباء لبنان، ولكن يفترض بكهرباء زحلة عملياً تسليم المنشآت التي ضخخنا فيها استثمارات بين 15 مليون دولار و20 مليوناً قبل إجراء المناقصة. بيد أن الأمور لا تزال على حالها ما دام عقد التشغيل ساري المفعول".

وبرّر نكد تمديد الحكومة لعقد التشغيل، نظراً لعدم قدرة كهرباء لبنان على تزويد المنطقة بساعات إضافية من الكهرباء، ولأنهم أدركوا أنه لا يجوز ترك المنطقة من دون إيجاد البديل، فيما تؤمن كهرباء زحلة للمنطقة التيار على مدار الساعة.