برنامج "أمان" يرفض مساعدة ضحايا 4 آب!

منذ نحو أسبوعين، تلقت مجموعة كبيرة من متضرري انفجار مرفأ بيروت، رسالة نصيّة صغيرة على هواتفهم المحمولة، لإبلاغهم بأن الاستمارة التي عرضوا فيها تفاصيل حالتهم المعيشية، رغبةً منهم بالاستفادة من برنامج شبكة أمان الاجتماعي، الهادف إلى مساعدة الحالات الصعبة خلال هذه الأزمة الاقتصادية.. قد رُفضت، لأنهم "غير مؤهلين للاستفادة من هذه المساعدة"!

رفض المساعدة
المعلوم حتى الساعة، أن الرسالة لم تصل إلى حالات معينة فقط، بل طالت شريحة كبيرة من الأشخاص المعوقين، ومن المتضررين من تفجير المرفأ، الذين يعانون منذ حوالى 3 سنوات، من إصابات دائمة في أجسادهم جراء هذا التفجير.

ففي التاسع عشر من تموز الجاري، تلقى عصام القحف (57 عاماً)، والذي خسر قدمه في الرابع من آب نتيجة الالتهابات الحادة، رسالة نصية جاء فيها: ".. بعد التسجيل وإجراء عملية التقييم الأولية حسب المعلومات التي أضفتها إلى الإستمارة، تبين بأنك غير مؤهل للاستفادة من برنامج أمان حسب المعايير الموضوعة مسبقاً".

في عام 2020، بُترت قدمه، وبات بحاجة لعدد لا يستهان به من الأدوية الشهرية الدائمة، بسبب الأمراض التي يعاني منها، كالضغط والسكري، إضافة إلى بعض المسكنات لتهدئة أوجاعه. ونظراً لتدهور حالته المعيشية، فقد اضطر للعودة لمزاولة مهنته السابقة، بيد أن المفارقة الوحيدة بعد هذه السنوات، أنه عاد لمتابعة عمله بقدم واحدة. فهو يملك "كاراجاً" في منطقة الكرنتينا لبيع وتغيير زيوت السيارات. ونتيجة الضائقة المادية وحاجته لبعض المساعدات، قام بتدوين جميع المعلومات المطلوبة منه للحصول على مساعدة من برنامج أمان، إلا أن طلبه قد رفض.

في السياق نفسه، تواصلت "المدن" مع إلياس الهريرة (62 عاماً)، وهو مصاب بإعاقة دائمة في إحدى أذنيه، ما أدى إلى فقدانه لجزء كبير من سمعه. ففي الرابع من آب ارتطم رأسه بالأرض نتيجة الانفجار الكبير، وتفتتت بعض عظام رأسه، وأجبر على إجراء مجموعة من العمليات الجراحية لترميمها. في حديثه لـ"المدن"، أفاد بأنه تلقى الرسالة النصية نفسها منذ حوالى الأسبوع، والتي تؤكد بأنه غير مؤهل للاستفادة من برنامج أمان. ولا شك أن هذا الأمر أثار حفيظته بشدة، فزوجته السيدة ميشلين (53 عاماً) تعاني من سرطان الدم، وبحاجة إلى إجراء فحوص مخبرية دائمة لمتابعة حالتها الصحية. كما أنه اضطر بعد عام 2020 إلى الإقامة  الدائمة مع والدته بسبب الضائقة المادية، فهو عاطل عن العمل، ويعتمد على راتب إبنه البالغ من العمر 23 عاماً لتأمين احتياجات العائلة الشهرية.

حالة غضب واسعة
في المقلب الآخر، أكدت سيلفانا اللقيس، رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين، بأن حالة من الغضب تسيطر على جميع الأشخاص المعوقين في لبنان، بعد أن أبلغت الأسبوع الماضي بأن برنامج أمان قد رفض أكثر من 25 شخصاً من الأشخاص المعوقين لأسباب غير واضحة، سيما أن عدداً كبيراً من الأشخاص المعوقين يعانون من إعاقة دائمة في أعضاء جسدهم، وهي نتيجة إصابتهم في الرابع من آب.

اعتراضاً على هذا القرار، فإن الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين في صدد التحضير لزيارة المسؤولين في البنك الدولي، بوصفهم الجهة الممولة لبرنامج أمان، والوزارات المعنية وفي مقدمتها وزارة الشؤون الاجتماعية، علماً أن اللقيس أكدت لـ"المدن"، بأنها التقت بوزير الشؤون الاجتماعية وبأعضاء من البنك الدولي في المرة السابقة، غير أن اللقاء لم يصل إلى النتيجة المرجوة.

عملياً، الهدف الأساسي، وفقاً لكلام اللقيس، من هذه الزيارات الرسمية، هو إعادة النظر في هذه الحالات، والموافقة على مساعدة الأشخاص المعوقين، كما أنها بحاجة إلى الحصول على توضيحات متعلقة بالمعايير المطلوبة للموافقة على مساعدة الأشخاص المعوقين.

من المستغرب اليوم، رفض هذه الحالات على اعتبار أنها غير مؤهلة للمساعدة الاجتماعية، فهم من الأسر الأكثر فقراً. وما لا يجب تجاهله، أن هذه الشريحة صارت من الفئات الأشد قهراً وهشاشةً، حيث أنها بحاجة ضرورية لحماية اجتماعية مستمرة من الدولة اللبنانية، ومن المنظمات غير الحكومية، لمنع تدهورها الصحي والنفسي أكثر فأكثر.