بعدما أثبتت جدواها في ليل غزة استثنائياً.. الإنترنت الفضائية قريبًا في لبنان

لبنان كدولة غائب عن خدمة الانترنت الفضائية التي يؤمّنها نظام "ستارلينك" الموازي للإنترنت التقليدية عبر الاقمار الاصطناعية. وبرزت الى الواجهة مع عزل غزة عن الخارج في نهاية الاسبوع الماضي وموافقة صاحب شركة "سبيس اكس" المولّدة لهذا النظام ايلون ماسك على تزويد المنظمات الاغاثية الدولية بهذه التقنية للمساعدة في رفع الضحايا والجرحى المدنيين الى المستشفيات بعد قطع الاتصالات عن غزة في الحرب الدائرة عليها. هذه التكنولوجيا المتطورة متوافرة في الدول المتقدمة، وساعدت بوصول هذه الخدمة الى اماكن لم تتمكن الانترنت التقليدية من تأمينها في الريف والصحاري او المناطق التي تتعرض لكوارث طبيعية كالهزات. وكما الرسم الشهري للمستخدم فإن معدله عبر الاقمار الاصطناعية 99 دولاراً شهرياً، ولا تبتعد عدّته عن تلك الارضية. فما خلا الكابلات الارضية تحتاج الى جهاز ارسال واستقبال يمكن التواصل عبره من الالواح الالكترونية او الهاتف المحمول المزوّد بهوائي بكلفة حوالى 800 دولار .

وفي الاساس، فإن ثمة حصرية للدولة بكل ما يقع في نطاقها ومنها الانترنت سواء كانت الارضية او الفضائية، يقول المحامي كريم ضاهر لـ"النهار"، مضيفاً ان هاتين التقنيتين تخضعان للقوانين المرعية عن طريق التزام استثماري من شركات خاصة، وفق المادة 89 من الدستور كونها مصلحة ذات خدمة عامة يستفيد منها الجميع بموجب قانون الاتصالات الذي يندرج ضمن القوانين التي تنظم هذا القطاع، وتوجب على مالك الشركة الموزعة للانترنت الفضائية احترام القوانين المرعية الاجراء، ومنها قانون التجارة والقرار الرقم 96 الصادر عن المفوض السامي عام 1926 والمعدل عام 1949 ولا يزال نافذاً. وهما يفرضان على كل مستثمر اجنبي في لبنان ان يسجل فرعاً لشركته في السجل التجاري ووزارة الاقتصاد، سواء على قاعدة العمليات المتكررة او المعتادة للوصول الى هذه الخدمة عن طريق الاقمار الاصطناعية بمقابل أو من دون مقابل .

تنتشر عروض من شركات اجنبية مألوفة على مواقع تواصل إجتماعي لتأمين خدمة الانترنت الفضائية. وقد ادرج ضاهر هذه الوسيلة ضمن سياق الانترنت غير الشرعية، مشيرا الى ان قانون الموازنة لسنة 2024 لحظ ضريبة على المعاملات الالكترونية في المادة 77 منه، والتي تحاول ان تنظم الموضوع الالكتروني وتخضع المستفيدين من هذا القطاع للضريبة. ولفت الى ان اوروبا واميركا اخضعتا الشركات الالكترونية الدولية ومنها الانترنت الفضائية لضريبة مجمعة على الدخل لا تقل عن 13 في المئة في اي بقعة من العالم تواجدت. وتحاول الدول المماثلة للبنان ان تحذو حذوها لفرض ضريبة على موزعي الخدمات الالكترونية عبر مواقع التواصل التي لا تحظى بغطاء شرعي، وتنظيم عملها اسوة بالدول العربية التي اعتمدت هذا التطور التكنولوجي.

هذا في الحالات الطبيعية. اما في حالة الحرب وما شهدته غزة من عملية عزل وقطع الاتصالات عنها مع الخارج، ففي رأي ضاهر ان اللجوء الى ذلك حصل في ظرف استثنائي، ويصار الى شرعنته بعد انتهاء الحرب وفق الاصول. وفي الموازاة اخضاع الاجهزة المحمولة للضريبة بعيدا من الإحتكار، والمتابعة الامنية لها عند حصول جرائم، فضلاً عن ادارة ضوابطه نظراً الى ما يمكن ان يشكله من خطر على الامن القومي والامن العسكري.

هذه التقنية الفضائية تعتمدها اميركا وبريطانيا ومعظم دول اوروبا ودول عربية. ويقول ضاهر إن هذه الدول نظمتها ومنحتها التراخيص اللازمة للقيام بالتغطية والرقابة، متحدثاً عن صعوبة الاحاطة بهذه الخدمة في ظل دولة متهالكة وغياب سلطة القانون. لكنه يرى ايجابيات في هذه الخدمة عند تأمين الضوابط القانونية ولاسيما انها تساعد الدولة في تأمين ايرادات للخزينة العامة من طريق الرسوم الضريبية والتشغيلية .