المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الاثنين 11 آب 2025 14:41:14
وكأن ما يعانيه لبنان لا يكفي، حتى تقرر طهران إرسال مبعوثيها لتفقّد مُكتسباتها في الداخل اللبناني. ها هو أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، يشدّ الرحال إلى بيروت، حاملًا ما وُصف بِرسائل خاصة من القيادة الإيرانية، في وقت يطالب فيه اللبنانيون، وبأعلى الصوت، بسيادةٍ غير منقوصة، وسلاحٍ واحدٍ تحت إمرة الدولة.
لكن، أيّ رسائل يحمل؟ ومن كلّفه بمهمة تفقد لبنان؟
زيارة لاريجاني ليست زيارة دبلوماسية عادية؛ فهي تأتي عقب سيلٍ من التصريحات الإيرانية العلنية التي تجاهر بدعمها لسلاح "حزب الله"، وتُصر على إبقائه خارج إطار الدولة، في انتهاكٍ فاضح لكل قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها القرار 1701، وانتهاكٍ أعمق لوجدان اللبنانيين الذين سئموا العيش في ظل، دولة مخطوفة.
مصادر مقربة من وزارة الخارجية أكدت لموقع kataeb.org أن "أفضل ما يمكن أن تفعله إيران للبنان هو أن ترفع يدها عنه، وتطلب من وكلائها تسليم السلاح والانخراط في الدولة، بدل الاستقواء عليها". وأضافت: "إذا كانت طهران حريصة فعلًا على استقرار لبنان، كما تدّعي، فلتتوقف عن استخدامه كحقل تجارب وصندوق بريد إقليمي".
ما تخشاه المصادر لا يقتصر على مضمون زيارة لاريجاني، بل يتعداه إلى ما تمثله، فالرسالة واضحة مفادها أن لبنان لا يزال يُعامل كمنصة إيرانية متقدمة في المنطقة، في وقتٍ تتآكل فيه ما تبقّى من مؤسسات الدولة، وتُعلّق فيه الاستحقاقات، وتُستنزف فيه السيادة، ببطءٍ ولكن بثبات.
القلق من الزيارة، بحسب المصادر، ليس مجرد تحليل سياسي، بل قراءة واقعية لوضع لم يعد يُحتمل، فالمطلوب من لاريجاني، إن كان حريصًا فعلًا على علاقات بلاده مع لبنان، أن يسمع لا أن يُملي، وأن يحترم حدود الجمهورية اللبنانية، لا أن يتعامل معها كجبهة متقدّمة في مفاوضات فيينا.
رئيس جهاز الإعلام والتواصل في "القوات اللبنانية"، شارل جبور، لم يُجامل في توصيفه، وقال عبر kataeb.org: "إيران لا تملك أي حق بالتدخّل في شؤون لبنان، وزيارة لاريجاني مرفوضة شكلًا ومضمونًا، على إيران أن تفهم أن حدودها الجغرافية تنتهي عند حدودها، لا عند ضاحية بيروت الجنوبية".
وأضاف: "كفى عبثًا بمصير اللبنانيين، إذا كانت طهران تعتقد أن الحزب لا يزال ذراعها التي لا تُقهر في لبنان، فهي تعيش وهمًا، فالقرار السيادي اللبناني قد اتُّخذ، ومحاولات الانقلاب عليه لن تمر".
من جهته، شدّد مسؤول في حزب الكتائب على أن "القرار صارم: لا مسّ بالسيادة بعد اليوم"، ورأى أن إيران تحاول اليوم، عبر حزب الله، تحسين شروط تفاوضها مع واشنطن، مستخدمةً لبنان كورقة مساومة، على حساب مصالح شعبه ومستقبله.
وختم بالقول: "إذا كانت زيارة لاريجاني تهدف إلى تجديد الولاء أو تفقد السلاح، فنقول له: هذا الزمن ولّى. من الآن فصاعدًا، من أراد أن يزور لبنان، عليه أن يزور دولة، لا ميليشيا".
وفي هذا السياق، كان رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، قد عبّر عن موقفه، وكان أول من طالب صراحةً باستدعاء السفير الإيراني على خلفية تدخلات طهران العلنية في الشأن اللبناني. واليوم، يُجدّد الجميّل، من السراي الحكومي، موقفه الثابت، مؤكّدًا أن "التصريحات الإيرانية الأخيرة مرفوضة بالكامل، وعلى طهران أن تحترم سيادة لبنان ومصلحة شعبه، لا أن تستخدمه ورقة في بازار النفوذ الإقليمي".