بيروت وان: مؤتمر يعيد الثقة ويفتتح فصلاً جديداً في مسار لبنان الاقتصادي

تحت رعاية الرئيس اللبناني جوزف عون، انطلقت أعمال مؤتمر بيروت وان – Beirut One: Rebuilding Confidence، ليشكّل نقطة تحوّل في مسار التعافي الاقتصادي، ولحظة مفصلية تعيد وضع لبنان على خريطة الاستثمار العالمية. هذا المؤتمر، الذي تنظّمه الحكومة اللبنانية، جمع للمرة الأولى منذ سنوات طويلة الأطراف الثلاثة التي تُعدّ المحرّكات الحقيقية للنمو: القطاع الخاص، المنتشر اللبناني حول العالم، والشركاء الدوليين.


حمل المؤتمر رسائل واضحة إلى المستثمرين الإقليميين والدوليين بأن الإصلاحات بدأت بالفعل، وأن زخمها يمكن أن يصبح ذاتي الدفع متى التقت الإجراءات الجدية مع رأس المال.

وسجل "بيروت وان" مشاركة واسعة لشخصيات رسمية سياسية واقتصادية من الصف الأول، من بينها وزيرة الدولة في وزارة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة نورة الكعبي، التي باركت للبنان انعقاد مؤتمر "بيروت 1" بعنوان "الثقة المستعادة".

واعتبرت في حديث خاص إلى"النهار" أن "الثقة موجودة بلبنان بوجود الضيوف من الدول العربية والأجنبية والدعم الكبير من رئيس الجمهورية". وفي جوابها بشأن الشروط المطلوبة لعودة الثقة، أشادت الكعبي بعرض وزير الاقتصاد عامر البساط "الممتاز برأيه، والذي ينمّ عن معرفة الوضع وفتح لبنان لباب المشاركة".

وقالت: "نحن في دولة الإمارات نتطلّع إلى هذه المشاركة وهذه المشاريع المشتركة، لأن هناك طموحاً، ويجب ألا نضيّع هذه الفرصة".

وأكّد وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، شريف فاروق، لـ"النهار" أن "العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر ولبنان راسخة"، مشيراً إلى "وجود فرص كبيرة في مجالات متعدّدة، بما في ذلك الأمن الغذائي، الزراعة، التجارة البينية، ودخول الأسواق الأفريقية عن طريق بوابة مصر".

ورأى فاروق أنّ "رجال الأعمال اللبنانيين وقوّته البشرية داعمون للاستثمار، ومن أهم عناصر الجذب، ولبنان يُعد عنصراً أساسياً في تعزيز التعاون بين الدول الشقيقة والصديقة".

وأشار إلى أن هناك فرصاً متنوّعة للاستثمار في لبنان، سواء في الزراعة والتجارة والبنية التحتية، أم في الاستثمار التكنولوجي، مؤكّداً رغبة مصر في تبادل الخبرات والاستثمار مع لبنان.

 وعن شروط عودة الثقة إلى المستثمرين الدوليين والعرب، تحدّث فاروق عن أهمية البيئة التشريعية وتحديد الفرص وبناء البنية التحتية، منوّهاً بذلك، ومعتبراً أن هذه الخطوات تعدّ نقاطاً أولية لبدء الاستثمار.

ورأى أن العمل والاستثمار الفعلي هما السبيل لضمان الاستقرار في المنطقة، وأن الزخم الذي يشهده المؤتمر يعتبر نقطة داعمة ومشجّعة للمستثمرين.

وعن استمرار الحرب بين لبنان وإسرائيل، شدّد علىى أنّه "لا يجب أن تهدأ الرياح ثم العمل والاستثمار، إنّما العمل والاستثمار الدؤوب هما اللذان يقودان إلى تهدئة الرياح".

وأكّد المدير العام، رئيس مجلس إدارة الصندوق العربي فوزي الحنيف، لـ"النهار" أن "لبنان دائماً وأبداً ضمن خطط الصندوق، وهو مهم لجميع المؤسسات العربية والأجنبية".

وأضاف أن "المؤتمر سيقود إلى تعزيز التنسيق بين المؤسسات العربية، بالإضافة إلى المؤسسات الأجنبية، وعلى رأسها البنك الدولي، لدعم لبنان وتحديد أفضل السبل لإطلاق المشاريع التنموية".

وأشار الحنيف إلى وجود فرص استثمارية كبيرة في لبنان، مشدداً على دعم الصندوق للقطاع الخاص، وكذلك لفئات متوسطي الدخل وأصحاب الدخل الصغير، من خلال مشاريع صغيرة.

ونوّهت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان، ساندرا دي وايلي، بحديث وزير الاقتصاد، مشددة في حديثها لـ"النهار"على أن "هناك العديد من الشروط التي يجب توافرها في لبنان لاستعادة ثقة المستثمرين، منها إصلاح القضاء، قطاع الطاقة والمياه، والقطاع المصرفي وغيرها من القطاعات".

وأكّدت دي وايلي "أهمية المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، "لأننا نرى أنّ التوصل إلى اتفاق مع الصندوق سيمنح المستثمرين الأوروبيين الثقة اللازمة للعودة إلى لبنان بزخمٍ أكبر"، مشددة على أنّ "العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي ولبنان ظلّت دائمًا وثيقة".

وعن دعم الاتحاد الأوروبي للبنان قالت: "نحن حاضـرون بقوة في مجالات إصلاح القضاء، ودعم هيئة مكافحة الفساد، ودعم الإصلاحات المؤسسية بمعناها الأشمل. فبالنسبة إلينا، وجود دولة فاعلة، قوية، ومتماسكة هو العامل الأساسي الذي سيتيح للمستثمرين العودة إلى لبنان بثقة".

يأتي مؤتمر "بيروت وان" ليؤسس رؤية اقتصادية جديدة تقود إلى مرحلة الاستثمار، الإنتاج، والشراكات، لا للاعتماد على المساعدات. إنها لحظة تعلن فيها الدولة اللبنانية وشركاؤها أن زمن الانهيار انتهى، وأن زمن الفرص بدأ.

ومع وجود هذا العدد من صنّاع القرار وقادة التمويل العالمي على منصة واحدة، يفتح لبنان الباب أمام فصل جديد في تاريخه الاقتصادي؛ فصل قد يكون بداية استعادة الثقة، وجذب الاستثمار، وإعادة بناء الدولة على أسس أكثر صلابة وشفافية.