تحرك سعودي دقيق في بيروت: محاولة لتثبيت التوازن قبل الانفجار

رجّح مصدر ديبلوماسي أن يصل المبعوث السعودي، الأمير يزيد بن فرحان، إلى العاصمة اللبنانية مساء الثلاثاء، في زيارة وصفها بالمستعجلة والمشحونة بالدلالات، وتأتي هذه الزيارة في ظل نشاط دبلوماسي غير مسبوق تشهده بيروت خلال الأيام الأخيرة، ما يعكس حساسية المرحلة التي يمر بها الوضع اللبناني.

ويشير إلى أن زيارة بن فرحان تندرج ضمن تحرك سعودي متقدم يرمي إلى تثبيت الاستقرار اللبناني ومنع انزلاق البلاد نحو مزيد من التأزم، في لحظة وصفها بالدقيقة والحاسمة، فلبنان، بحسب تعبيره، يقف اليوم على مفترق طرق بين خيارين لا ثالث لهما، إما الانطلاق نحو تسوية تفتح الباب أمام استقرار سياسي واقتصادي نسبي، وإما السقوط في المجهول الذي قد يتخذ أشكالًا متعددة، ابرزها احتمالات المواجهة العسكرية أو الحرب الإسرائيلية الشاملة التي لا يمكن استبعادها في حال استمرار الانسداد الداخلي.

ويؤكد المصدر عبر موقع kataeb.org ، أن التحرك السعودي لا يمكن فصله عن الحراك الإقليمي والدولي المتواصل في بيروت، والذي يشمل زيارات متزامنة لموفدين عرب وغربيين، بينهم مدير المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد والمبعوث الأميركي توماس باراك، ويرى أن هذا التلاقي في المواعيد يعكس تنسيقًا غير معلن بين العواصم المعنية بالشأن اللبناني، وتحديدًا الرياض والقاهرة وواشنطن، بهدف منع تفاقم الوضع وإعادة إطلاق مسار الحلول السياسية قبل فوات الأوان.

ويضيف المصدر أن بن فرحان يحمل معه رؤية سعودية واضحة تقوم على دعم الدبلوماسية وتغليب الحوار الداخلي على أي خيارات تصعيدية أو أمنية، فالمملكة، كما يقول، تسعى بالتعاون مع شركائها إلى دفع الأطراف اللبنانية نحو تسوية تحفظ وحدة الدولة وتمنع تفكك مؤسساتها، لأن أي انفجار لبناني ستكون له تداعيات مباشرة على الاستقرار الإقليمي، وعلى توازنات دقيقة تسعى الدول العربية إلى حمايتها في هذه المرحلة المضطربة.

ويكشف المصدر أن واشنطن، من جهتها، تتابع التطورات اللبنانية باهتمام بالغ، وأن المبعوث الأميركي توماس باراك سيحمل معه مقترحات لتشجيع التفاوض المباشر مع الجانب الإسرائيلي في إطار بحث أوسع حول ترتيبات أمنية وسياسية في المنطقة،  غير أن الموقف السعودي، وفق السفير، يتسم بالحذر إزاء هذه الطروحات، إذ تحرص الرياض على إبقاء الملف اللبناني في إطاره العربي، وتفادي أي مقاربة تمس بسيادة لبنان أو تضعه في خانة التسويات الإقليمية التي تتجاوز مصالحه الوطنية.

ويختم بالتأكيد على أن زيارة الأمير يزيد بن فرحان إلى بيروت تشكل محطة أساسية في سياق استعادة السعودية دورها الفاعل في الملف اللبناني، بعد فترة من المراقبة الحذرة، ويرى أن الرياض باتت مقتنعة بأن استقرار لبنان ليس شأنًا داخليًا فحسب، بل هو جزء من منظومة الأمن العربي الأشمل، وأن تحريك الجهود الدبلوماسية في هذا التوقيت بالذات يهدف إلى منع الانهيار الشامل وتثبيت معادلة التهدئة كخيار وحيد متاح. 

ويخلص المصدر إلى أن الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت زيارة بن فرحان ستنجح في فتح نافذة جديدة للحوار، أم أن لبنان سيبقى عالقًا في دوامة المراوحة بين التسوية والانفجار.