أضاف تصريح المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، حول احتمال "وقف عمليات تخصيب اليورانيوم" في بلادها، مزيداً من الغموض على ملف إيران النووي، خاصة بعد تداوله في الإعلام الإيراني، ثم نفي وكالة "مهر" صحته.
كما أن تصريح مهاجراني يأتي متعارضاً مع تصريح أمس لكمال خرازي مستشار المرشد علي خامنئي الذي قال إن "جوهر أي مفاوضات مستقبلية سيتركز على درجة التخصيب، وليس على وقف التخصيب نفسه".
بينما نسبت صحيفة "اعتماد" الإيرانية، (وهو ما أعادت نشره وسائل إعلام إيرانية أخرى)، لمهاجراني أن "تخصيب اليورانيوم لا يتم حالياً"، وأضافت: "تتم دراسة احتمال وقف عملية التخصيب تماماً تماشياً مع المصالح الوطنية".
لماذا التخصيب؟
شكّل "تخصيب اليورانيوم" أبرز نقاط الخلاف عبر جولات التفاوض الإيرانية ـ الغربية (أوروبا والولايات المتحدة)، ومنذ عام 2003 كانت الدول الغربية ممثلة بالترويكا (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) تضغط لدفع إيران إلى وقف عمليات تخصيب اليورانيوم، وهو ما تم الاتفاق بشأنه جزئياً إثر اتفاق باريس عام 2004، والتزمت فيه طهران بوقف التخصيب مؤقتاً.
وكانت الدول الغربية تريد تقييد تلك الخطوة؛ لأن أي دولة تتمكن من تخصيب اليورانيوم عند مستوى 90% ستكون قادرة على امتلاك السلاح النووي.
وطوال سنوات التفاوض كانت إيران تصر على أنها لا تسعى لتطوير برنامج نووي يهدف إلى صنع السلاح النووي، بل تريده للاستخدامات السلمية، وكانت تؤكد أن مستويات التخصيب التي وصلت إليها أقل كثيرا من النسبة المطلوبة للأسلحة النووية.
أهمية تصريح مهاجراني
إعلان الحكومة الإيرانية أنها "تدرس" إيقاف عمليات التخصيب، هو من وجهة النظر الغربية إعلان بالتراجع الفعلي عن البرنامج النووي الذي يخيف الغرب؛ إذ إن وقف تلك الحلقة يعني أن البرنامج الإيراني "غير مكتمل"، ولن يصل إلى مرحلة التصنيع النووي.
وذلك يعني أيضاً أن ملف إيران خُتم بتلك الخطوة "المفاجئة" كما وُصفت، وما يعزز ذلك أن التصريحات المنسوبة لمهاجراني، تزامنت مع ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن بلاده قريبة من التوصل إلى اتفاق مع إيران.
وأشار ترامب إلى أن التهديد النووي الإيراني قد أزيح عن الشرق الأوسط.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أكد رفض بلاده لسياسة "صفر تخصيب"، ووصف ذلك بأنه "خيانة"، ونقل عنه موقع "خبر أونلاين": "نحن لا نقبل أبدا بتخصيب صفري لأن هذا أصبح مسألة فخر وطني وكرامة وطنية".
وهو ما يشير إلى أن مسألة التراجع عن "التخصيب" صارت مطروحة داخل إيران بوصفها خياراً، وربما تشير إلى وجود تيار داخل إيران يؤيد تلك الخطوة التي ستكون مقدمة لإنهاء الملف الذي عانت إيران بسببه عقوبات قاسية، ورغم تجميدها بعد اتفاق مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، إلا أنها عادت مجدداً لتكبل اقتصاد إيران، بعد تفعيل "آلية الزناد".
هل يتوقف التخصيب؟
التصريحات الإيرانية المتضاربة تضيف غموضاً على برنامج طهران، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي، ثم الأمريكي، الذي استمر 12 يوماً في يونيو، وكانت أعنفه الغارات الأمريكية على منشأة فوردو النووية. إن برنامج طهران لم تزل نتائجه حتى اليوم غير محددة بدقة، وما يزيد غموضه تضارب التصريحات بشأنه، بين ما يؤكد أن البرنامج تعرض لأضرار بليغة، وبين تأكيدات، بعضها أعلنها ترامب، تقول إن ذلك البرنامج تم تدميره بالكامل.
أظهرت التطورات الأخيرة أن إيران دفعت أثماناً كبيرة، وهي أيضاً ستمنى بخسائر إثر تفعيل إعادة العقوبات؛ وهو ما يجعل إعادة دراسة "تخصيب اليورانيوم" مسألة ملحة في إيران، للخروج من مآزقها.