تدخُّل لاريجاني يصطدم بواقع الدولة

لم تسلك زيارة رئيس المجلس الاعلى للامن القومي الايراني علي لاريجاني، طريقها المرتجى من قبل حزب الله، في محاولة لاعادة احياء النفوذ الايراني الذي استمر لأكثر من ثلاثة عقود في لبنان، تحت عناوين دعم المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي للاراضي اللبنانية، بعدما سقطت كل ذرائع استمرار هذا السلاح الايراني، بعد فشله في منع الاعتداءات الاسرائيلية وحماية لبنان، وحزب الله تجديداً.

جملة وقائع احاطت بزيارة لاريجاني منذ وصوله الى مطار رفيق الحريري الدولي، في مقدمتها الاجراءات التنظيمية الجديدة، بمنع تسيير رحلات الطيران الايراني الى لبنان، ومكافحة كل عمليات استباحة عمليات تهريب السلاح والاموال والممنوعات ، من قبل جماعة الحزب واتباعه. 

في لقائه لأول مرة مع رئيس الجمهورية جوزاف عون، منذ انتخابه للرئاسة، خلافا لارادة وقرار النظام الايراني الذي عطل الانتخابات الرئاسية الماضية بواسطة حزب الله، لاكثرمن عامين، ووجه برفض مطلق للتدخل الايراني بالشؤون اللبنانية، ولم ينفع تبريره بنفي التدخل وتمسكه بسلاح الحزب، في تغيير تشبث الرئاسة بتنفيذ قرار مجلس الوزراء بحصر السلاح بيد الدولة ومن ضمنه سلاح الحزب، والتأكيد بأن هذا المسائل تبحث من خلال المؤسسات الدستورية حصرا.

بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري ،نسف لاريجاني كل ادعاءاته بعدم تدخل ايران، بالشؤون اللبنانية، وكشف سياسة ايران تجاه لبنان بقوله، ان بلاده تريد ان ترى بلدان المنطقة مستقلة وحرة، وهي  تحترم اي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية، بعد التشاور مع مختلف الفصائل ، واعلن بشكل غير مباشر عن رفض بلاده للاملاءات التي توجه للبنان من وراء المحيطات، في  اشارة الى ورقة الموفد الاميركي توم براك،  وشدد على ضرورة التمسك بالمقاومة، مؤكدا ان سلاح حزب الله هو لحماية لبنان. 

في لقائه مع رئيس الحكومة نواف سلام، ابلغ لاريجاني، برفض قاطع لما نشر عن لسان مسؤولين ايرانيين وفي مقدمهم وزير الخارجية بخصوص انتقاد القرارات التي اتخذتها الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة ، ما يتنافى مع الاعراف والاصول التي ترعى علاقات الدول بين بعضها البعض. 

لاول مرة، اصطدمت مهمة لاريجاني على هذا المستوى، بصعوبة اعادة احياء النفوذ الايراني المتآكل بمفاعيل حرب «الاسناد» وبمتغيرات انتقال الدولة، من مرحلة الانصياع لمواقف وضغوطات المسؤولين الايرانيين، تحت هيمنة السلاح ،الى مرحلة التشبث بالقرارات التي تصب في مصلحة لبنان وحده.