المصدر: النهار
الكاتب: سابين عويس
الجمعة 17 تشرين الأول 2025 07:20:38
فيما يترقب لبنان ما ستحمله الأيام المقبلة بعد اتفاق السلام في غزة، في ضوء كلام رئيسي الجمهورية العماد جوزف عون والمجلس نبيه بري عن أنه حان اليوم دور لبنان في زمن التسويات، يشكل ملف الانتخابات النيابية عنصراً أساسياً في أيّ تسوية سياسية مقبلة، انطلاقاً مما لهذا الاستحقاق من دور وأهمية في تكوين السلطة السياسية الجديدة وتعديل موازين القوى لمصلحة السلام والاستقرار والعصر الأميركي المسيطر على المنطقة.
بدأت استعدادات الكتل تحضيرا لانتخابات مجهولة الوجهة، وسط التباينات الشديدة التي تتقاذف القوى السياسية، بين من يريد تعديل القانون النافذ ورئيس المجلس مع من يمثّل من المصرّين على تطبيق القانون الحالي من دون تعديل. وقد عبّر بري عن هذا الموقف مؤكداً أن لا تمديد للمجلس ولا تعديل للقانون.
وما بين الرئيسين عون وبري تناغم وتوافق على الموقف المبدئي من هذه الانتخابات لجهة ضرورة التزام إجرائها في موعدها الدستوري. وفي حين لا يتدخل رئيس الجمهورية انطلاقاً من موقعه الدستوري واحتراماً لمبدأ فصل السلطات، مشدداً على إتمام الاستحقاق وفق أي قانون، يؤكد أن الأمر متروك لمجلس النواب الذي له دور أساسي يجب أن يؤديه.
ووسط الكباش الحاد الحاصل، كان لافتاً إقدام وزارة الخارجية والمغتربين قبل يومين على إرسال مشروع قانونٍ معجّل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء تطلب إدراجه في جدول أعمال أول جلسة للحكومة، ويرمي إلى إلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب المتعلقتين باقتراع المغتربين اللبنانيين، واللتين تحصران تمثيلهم بستة مقاعد مخصصة للاغتراب، والسماح للبنانيين المقيمين في الخارج باختيار ممثليهم الـ128 في مجلس النواب بحسب دوائر قيدهم. وبررت الوزارة خطوتها بأنها تأتي بعد تلقيها في الأسابيع الأخيرة عددا من العرائض والرسائل، من عددٍ كبير من أبناء الجاليات اللبنانية حول العالم (برلين، استوكهولم، أوتاوا، مونتريال، واشنطن، نيويورك، أبوجا، مدريد، لندن، ملبورن وباريس...) يطالبون فيها بإلغاء المادتين المذكورتين وإعطائهم حق الاقتراع بحسب دوائر قيدهم في لبنان.
وأمام المأزق الذي وصل إليه الكباش، بدأت المساعي لإيجاد مخرج تحدث عنه عضو كتلة "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبدلله، وأكدته مصادر نيابيّة مطلعة، كاشفة أن ما يحصل لا يعدو كونه محاولات لم ترق إلى مستوى المبادرة، وهو ما قاله عبدالله لـ"النهار"، نافياً أن يكون اللقاء يحمل مبادرة أو طرحا، خصوصاً أنه صاحب موقف سياسي مؤيد لتعديل القانون وبالتالي لا يمكن أن يتبنى مبادرة.
وتكشف المصادر السياسية لـ"النهار" أن المأزق الذي بلغته الأمور دفع بعض القوى إلى العمل على وساطة أو تسوية لإخراج البلاد من الأزمة. وتشير إلى أن الطرح يعود في الأساس إلى اهتمام فرنسي بإنجاز الاستحقاق. وفي حين تنفي مصادر فرنسية وجود وساطة محددة، فُهم أن العمل الجاري حالياً يرتكز على التوفيق بين التباينات الحاصلة بين القوى السياسية من خلال مقايضة بين تعليق تطبيق المادة ١١٢ المتعلقة بانتخاب المغتربين، مقابل عدم تعديل القانون لإلغاء هذه المادة، وفق ما تطالب به كتل نيابية كبرى في البرلمان. وهذا من شأنه ألا يكسر أي فريق، بحيث تكون العودة إلى انتخابات ٢٠١٨، فلا تفتح صناديق الاقتراع في الخارج بل يأتي الناخبون إلى لبنان ويقترعون في دوائرهم. لكن القانون المعجل الذي أحالته وزارة الخارجية أمس قلب المشهد لأنه نقل المشكلة القائمة أساساً في مجلس النواب إلى طاولة مجلس الوزراء الذي سيكون عليه التوافق أو التصويت على المشروع وإحالته على البرلمان.