تطبيع العلاقات اللبنانية الإيرانية يتوقف على تغيير جذري بتعاطي إيران مع لبنان

لن يكون السجال الديبلوماسي الذي نشب موخراً بين وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي ونظيره الايراني عباس عراقجي، على خلفية رفض لبنان التدخل الايراني بالشؤون الداخلية اللبنانية، السجال الاخير حول سوء العلاقات الثنائية، ولن تؤدي الزيارة المرتقبة للوزير عراقجي الى لبنان قريباً، الى انهاء الخلاف الحاصل بين الدولتين، وارساء اسس لعلاقات جديدة، تقوم على الاحترام المتبادل وانهاء كل اشكال التدخل الايراني في الوضع الداخلي اللبناني، وانما اقصى ما يمكن ان ينجم عن هذه الزيارة، تهدئة ظرفية، ووعود ايرانية كالعادة، بالحرص على افضل العلاقات مع لبنان وشعبه، ودعمه في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ووقف الاعتداءات على اراضيه.

بالطبع لن تكون زيارة وزير الخارجية الايراني للبنان هذه المرة، ولو كانت بدعوة من الوزير رجي، لازالة رواسب السجال الديبلوماسي وتداعياته، والتأسيس لمرحلة جديدة في العلاقات بين لبنان وايران، كما ورد في العبارات الودية لتلبية الدعوة، وانما يتوقع ان تكون غطاء للتواصل بين الوزير الايراني ومسؤولي حزب الله، لإيصال تعليمات القيادة الايرانية في كيفية التعاطي مع المرحلة المقبلة، لاسيما مع تشدد الدولة في تطبيق قرار حصر السلاح بيدها وحدها، بالرغم من رفض الحزب لهذا القرار، وبالتزامن مع تصاعد التهديدات الاسرائيلية بشن عدوان واسع النطاق لاستهداف ما تبقَّى من مواقع ومستودعات اسلحة للحزب على طول الاراضي اللبنانية، وتقويم مبادرة الدولة للتفاوض مع اسرائيل لحل مشكلة الاحتلال الاسرائيلي ووقف الاعتداءات المتواصلة على لبنان. 

يستبعد المراقبون ان يؤثر السجال الحاصل بين وزيري الخارجية اللبناني والايراني، او اي زيارة يقوم بها الاخير او اي مسؤول ايراني آخر الى لبنان، في تبديد الخلافات القائمة بين البلدين مع استمرار سياسة النظام الايراني في دعم حزب الله بالسلاح والمال ومعارضة قرارات الحكومة اللبنانية، في بسط سلطتها على كل الاراضي اللبنانية، والانتقال الى مرحلة جديدة بالعلاقات المتوازنة بين البلدين ولاسيما في الظروف الحالية، التي تشهد تجاذبات حادة بين النظام والولايات المتحدة حول مصير الملف النووي الايراني، واصرار طهران على الاحتفاظ بورقة الحزب في لبنان، لمقايضتها كما هو معلوم في صفقة الملف النووي لمصلحتها على حساب امن واستقرار لبنان.

ويعتبر هؤلاء المراقبون ان تطبيع العلاقات بين لبنان وايران، يتطلّب تبدلاً جذرياً في تعاطي النظام الايراني وتغيير نهجه من استمرار تسليح الحزب ودعمه مالياً وسياسياً، ووقف تحريضه ضد الدولة اللبنانية وسياستها وقرارتها، والتعاطي المباشر مع الدولة ومؤسساتها، وارساء علاقات طبيعية من دولة لدولة، الامر الذي يؤدي الى احياء الثقة المفقودة، ويعيد الحرارة للعلاقات الثنائية للبلدين، في حين لا تدل الوقائع والمؤشرات على امكانية تغيير نهج النظام الايراني بالتعاطي مع لبنان في الوقت الحاضر،ولذلك من المستبعد حدوث اي تغييرات واعدة بالعلاقات بين لبنان وايران في هذه المرحلة.

ويذكّر هؤلاء المراقبون، بأنها ليست المرة الاولى التي ينشب الخلاف اللبناني الايراني على المستوى الوزاري على هذا النحو، بل سمع اكثر من مسؤول ايراني زار لبنان طوال السنوات الماضية، مواقف من كبار المسؤولين اللبنانيين، تعترض وترفض التدخلات الايرانية بالشؤون الداخلية اللبنانية، ومن بينها ما قاله رئيس الحكومة الاسبق نجيب ميقاتي، لرئيس البرلمان الايراني محمد باقر قاليباف بهذا الخصوص، وداعيا اياه بصريح العبارة ترك لبنان بحاله.