"تيك توك" يدفع المراهقين.. إلى الانتحار؟!

تعتقد والدة مراهق أميركي، أن سبب موت ولدها منتحراً على سكة القطار في نيويورك، العام الماضي، هو الفيديوهات التي أوصلها محرك التوصية الخاص بتطبيق "تيك توك" إليه.

ورغم أن تشايز ناسكا (16 عاماً) كان مهتماً بمواضيع أبناء جيله، لكن التطبيق كان يدفع إليه محتوى يحمل أفكار الاكتئاب والموت. هذا ما وجدته الأم بعد البحث في هاتف ابنها في محاولة لمعرفة السبب الذي حمله على الانتحار، حسبما أفادت وكالة "بلومبيرغ".

وصُدمت الأم بعد عثورها على مقاطع فيديو أظهرتها خواريزمية التطبيق غالبيتها حول الاكتئاب واليأس والموت رغم أن معظم ما بحث عنه كان حول كرة السلة ورفع الأثقال والخطب التحفيزية. لذلك رفع والدا الشاب المنتحر دعوى قضائية في محكمة بنيويورك ضد التطبيق.

ورغم أن ناسكا انتحر في شباط/فبراير العام الماضي، ما زال حسابه نشطاً ويعج بمقاطع فيديو حول الحب غير المتبادل، واليأس والألم، والانتحار الذي تظهره مقاطع الفيديو على أنه "هدية". وبرز مقطع فيديو عبر حسابه قبل وفاته يظهر قطاراً قادماً وعنوانه "ذهبت في نزهة سريعة لقتل نفسي"، وبعدها بخمسة أيام توجه ناسكا إلى سكة القطار وانتحر، تاركاً رسالة لصديقه تقول "آسف. لا أستطيع التحمل بعد الآن".

في المقابل، أكدت شركة "بايتدانس" الصينية المالكة لـ"تيك توك" أنها ملتزمة بضمان سلامة مستخدميها وحمايتهم. ولديها فريق متخصص يقوم مراجعة الفيديوهات، خصوصاً تلك المتعلقة بالقاصرين، وإزالة المحتوى المؤذي. كما أنها أعلنت مرات عديدة أنها قامت بتحسين تجربة المشاهدة منعاً من تكرار الفيديوهات حول موضوع معين.

ورغم ذلك، تواجه الشركة الشركة قضائية مشابهة في العالم بسبب المحتوي الذي توصله الخوارزميات إلى المستخدمين. ومن شأن الخوارزميات، وهي قواعد مكتوبة في برمجيات، فرز مواضيع ذات مغزى للمستخدم.

وتتزامن القضية مع ما يواجهه "تيك توك" من جدل سياسي بسبب تهم التجسس وعدم احترام الخصوصية. وبات التطبيق مصدر قلق لعلماء النفس الذين يشتبهون في وجود رابط بينه وبين تزايد حالات الاكتئاب والرغبة في إيذاء النفس والانتحار.

وتطرق أحد المشرعين الأميركيين إلى وفاة ناسكا في جلسة للكونغرس في آذار/مارس الماضي وعرض على الرئيس التنفيذي للتطبيق بعض المقاطع التي ظهرت للمراهق، علماً أن المخاوف من محتوى توصيات التطبيق أثيرت منذ العام 2020، عندما حذر تشارلز بحر، مدير مبيعات الإعلانات السابق في مكتب "تيك توك" في ألمانيا، رؤساءه، من أن الخوارزمية كانت تظهر مقاطع كثيرة للمراهقين، وكانت مقاطع محبطة وتمجّد الانتحار.

وكشفت الدراسات الاستقصائية للمراهقين، علاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب وإيذاء النفس والانتحار، وتظهر بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن ما يقرب من 1 من كل 4 مراهقين قالوا إنهم فكروا بجدية في قتل أنفسهم العام 2021 .

وتلقي "جمعية علم النفس الأميركية" باللوم جزئياً على وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول علماء النفس أنه من الصعب على المراهقين تحمل الخصائص الإدمانية للخوارزميات، لأن قشرة الفص الجبهي، المسؤولة عن صنع القرار والحكم والتحكم في الانفعالات، لم تتطور بشكل كامل، وهو ما يجعل التطبيق مسؤولاً.

وتزداد خطورة التطبيق نظراً لعدد مستخدميه من المراهقين. وأشار مسح أجراه مركز "بيو" للأبحاث العام 2022 إلى أن ثلثي المراهقين الأميركيين يستعملون التطبيق كل يوم، فيما 16% منهم على المنصة باستمرار تقريباً، وقال أكثر من ربعهم إن التطبيق يجعلهم يشعرون بالسوء تجاه حياتهم.