المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
الخميس 23 تشرين الأول 2025 07:36:29
لم تخلُ مشاركة الوفد اللبناني في اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، من إطلاق نار سياسي تُرجم بما أشيع إعلاميا عن خلافات وتباينات عميقة بين الوفد اللبناني من جهة، وممثلي صندوق النقد من جهة أخرى.
فالزيارة لم تكن قطعا لعقد اتفاقات ثنائية أو لتوقيع عقود لمساعدات مالية، بل تأتي في سياق المشاركة الروتينية في اجتماعات الصندوق والبنك الدوليين السنوية أسوة بغالبية دول العالم، لتداول المستجدات المالية والاقتصادية، وتبادل الأفكار والرؤى والخبرات حول الأهداف المشتركة للسياسات المالية والنمو الاقتصادي.
الحقيقة التي أكدها وزير المال ياسين جابر لـ"النهار" أن جلّ ما عقد من لقاءات مع مسؤولي الصندوق، كان استمرارا للحوار المفتوح بين الصندوق ولبنان، حول مختلف الشؤون العالقة في عملية الإصلاح المالي والمصرفي، ولم تستجد أي خلافات تستدعي مثل هذا الاستهداف الإعلامي للزيارة.
وفيما أعلن جابر "أن وفدا تنفيذيا كبيرا من البنك الدولي سيزور لبنان بداية الشهر المقبل"، في تأكيد لحسن العلاقة وتقدم التفاهمات والحوارات، أكد "أن العلاقة مع الصناديق العربية هي أيضا سليمة ومعافاة، بدليل استعدادها لتمويل مشاريع جديدة للبنان".
لذا لا فشل للزيارة، والحوار مع الصندوق والمؤسسات الأممية لا يزال "شغالا" ومستداما، وتنحصر أهدافه في التوصل إلى أفضل الحلول للأزمة المالية والنقدية، وإعادة الودائع وعدم شطبها، وخصوصا تلك الصغيرة التي تم الاتفاق على عدم المس بها"، لافتا إلى أن "مشروع قانون إعادة تنظيم المصارف أخذ في الاعتبار ملاحظات صندوق النقد، وأرسلت التعديلات إلى مجلس الوزراء الذي يُفترض أن يقرها اليوم، ومن ثم نرسلها إلى مجلس النواب لإدراجها في القانون. وتوازيا، العمل جارٍ على مشروع قانون "الفجوة المالية" الذي لا يزال موضع نقاشات للوصول إلى معادلة جيدة".
إذا، التركيز حاليا على إعادة الثقة بالمصارف، وفق جابر الذي قال: "نعمل في ظروف صعبة، ونسعى إلى إصلاح حقيقي لضمان عودة الثقة بالمصارف. وإذا لم نعمد إلى إصلاح مصرفي حقيقي فكيف يمكن أن نعيد ثقة المودعين؟ على سبيل المثال، عندما أطلقنا خدمة دفع الرسوم العقارية عبر الإنترنت، تمت 1500 عملية دفع في أول يوم، و1499 معاملة جاءت عبر شركات تحويل الأموال، وواحدة فقط عبر مصرف، وهذا يعكس عدم الثقة بالمصارف حتى اليوم".
إلى ذلك، وفي تأكيد للعلاقة الوثيقة بصندوق النقد والبنك الدوليين، شدد جابر على أن "علاقتنا بالبنك الدولي جيدة جدا، وسيأتي إلى لبنان خلال 10 أيام وفد يضم نحو 12 شخصا من المديرين التنفيذيين ومجلس الإدارة للاطلاع على المشاريع التي تنفذ، وهي زيارة معنوية لها دلالات كبيرة وتعبّر عن زيادة الثقة بلبنان. أما صندوق النقد الدولي فموجود دائما في لبنان، وموظفوه يزورون الوزارة مرات عدة أسبوعيا لمتابعة الإصلاحات".
وفيما أشيع أن الوفد اللبناني جاء محبطا من واشنطن حيث سمع شروطا سياسية مقابل دعم لبنان، نفى جابر كل هذه المعلومات، وقال: "البعض في لبنان يحب أن يجلد نفسه. لم نفشل في اجتماعات واشنطن، بل إن الفشل يتجلى في لبنان عندما يقفل مجلس ويطير النصاب في مواضيع إصلاحية وأخرى تتعلق بقرض إعادة الإعمار وغيرها".
وإذ أشار إلى أن "الأموال التي سنحصل عليها من الصندوق لن تدخل ميزانية الدولة بل ستذهب مباشرة إلى مصرف لبنان لدعم ميزان المدفوعات"، قال: "هدفنا الأساسي هو الحصول على شهادة حسن سلوك من صندوق النقد تؤكد أن لبنان يقوم بإصلاحات حقيقية، بما يعزز الثقة بالقطاع المصرفي ويؤدي إلى استقرار مالي".