جمهور "الممانعة" يستعجل التلويح بـ7 أيار: المِفصَل في 1 آب

لم تكد تمر دقائق على إعلان رئاسة الحكومة اللبنانية بأن الرئيس تمام سلام سيترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء، الثلاثاء، لمناقشة بند حصرية السلاح، حتى خرجت عشرات الرسائل في مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات "واتسآب"، تتهم فياه حكومة سلام بالتآمر على "المقاومة".

واشتعلت المخيلة على نحو أعاد جمهور "حزب الله" الى العام 2008، واتُّهم سلام باتخاذ قرار يشبه قرار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في 5 ايار 2008، الذي أشعل غزوَتَي "حزب الله" لبيروت والجبل في 7 أيار من العام نفسه. وبدأ هذا الجمهور بصياغة تصورات متخيلة عن صراع مع الحكومة، سينفجر إثر انعقاد جلسة الحكومة، مما رفع مستوى الهلع في لبنان. 

والحال أن استعجال الخلاف، ينمّ عن قصر نظر، لا يلحظ الديناميات السياسية التي تسير فيها البلاد لامتصاص الضغوط الدولية، وتبدأ من اللقاءات المتكررة بين الرؤساء جوزاف عون ونبيه بري ونواف سلام، لصياغة موقف موحد، ومخرج لامتصاص الضغط من دون تفجير الداخل. 

يسير الرئيس سلام وحكومته بين الألغام الدولية والمحلية، ويؤازره الرئيس بري بتهدئة جانب "حزب الله" وتطمينه، تمهيداً لمفصل سياسي ينتظره لبنان في الأول من آب المقبل، مع خطاب مرتقب للرئيس عون، يتحدث فيه عن إنجازات تحققت، سواء في السياسة، وفي صياغة المواقف الوطنية وتطبيق التعهدات اللبنانية تجاه ملفات إقليمية وداخلية، وصولاً إلى مكافحة الفساد ووضع لبنان على سكة الحلول، تنفيذاً للمطالب الدولية لمساعدة لبنان وإعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية، عبر خطوات الإصلاح الإداري والسياسي، تحت سقف البيان الوزاري وخطاب القسم. 

من الواضح أن ما سيتضمنه الخطاب، سيمثل ردّاً على أسئلة الناس عن الإنجازات التي حققتها حكومة سلام، وعهد الرئيس عون استطراداً، وهي أسئلة تُطرح في مواقع التواصل وعلى المنابر السياسية المعارضة للعهد، في معرض استهداف السلطة الحالية التي أنجزت، على صعيد مكافحة الفساد حتى الآن، ما لم تنجزه أية حكومة منذ العام 2003 على الأقل، وتوازن بين مطالب الداخل والخارج، بقدرة بالغة على السير بين الألغام.

والحديث عن ملف "حصرية السلاح" الذي يتصدر المداولات الإعلامية، ليس إلا بنداً وحيداً من بنود كثيرة تضمنتها الورقة الأميركية التي حملها الموفد الرئيس ترامب توماس برّاك. وبمعزل عن النقاشات حول آلية تطبيق هذا الجانب الذي سيُبحث في جلسة الحكومة، أنجزت الحكومة حتى الآن التعيينات في اثنتين من الهيئات الناظمة العالقة منذ عقدين، وبينها الهيئة الناظمة للطيران المدني التي لم تُقر منذ العام 2002.. فضلاً عن التعيينات المالية والقضائية، وتفعيل المحاسبة بدءاً من إدانة وزيرين ورفع الحصانة النيابية عن أحدهما، وإحالة 3 وزراء اتصالات سابقين إلى المساءلة.. 

أما إقرار القوانين الإصلاحية، وبينها قانون إعادة هيكلة المصارف الذي سيُقر في البرلمان الخميس، فهو جزء من مطالب صندوق النقد الدولي، والمؤسسات الدولية، لتحقيق إعادة انتظام مالي، وهي تخدم ملف لبنان في "مجموعة العمل المالي الدولية" (فاتف) التي لطالما شكت من الفساد في لبنان، ولا تنفك تدعو لمحاربة الجرائم المالية، تمهيداً لإخراج تصنيف لبنان من اللائحة الرمادية.

وبين كل تلك الإنجازات، تفتعل بعض الجهات شرخاً بين السلطة والشعب. تؤجّج تلك النقاشات على مقاس فئات قليلة، ما زالت ترى في العنف سبيلاً لحل المشاكل السياسية، وترفع خطاب "التآمر" لاستدعاء العصبيات وحشد التأييد الافتراضي، وهي استراتيجية باتت مكررة ومبتذلة ومملّة، سرعان ما ستتبدد في جلسة الثلاثاء التي سيُمهَّد لدينامياتها في الأول من آب.