حادثة العاقبية: 3 أطراف خرجت رابحة... وهذه تبقى "الخاصرة الرخوة"

خرق الروزنامة اللبنانية المزدحمة برزمةِ ملفاتٍ ساخنة، في السياسة والمال، تَطَوُّرٌ قضائي من شأنه سحْبَ فتيل أزمةٍ كانت تعتمل مع المجتمع الدولي وتَمثَّل في الادعاء على سبعة أشخاص، بينهم موقوف واحد في قضية إطلاق الرصاص على دورية للكتيبة الايرلندية العاملة في قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) ما أدى إلى مقتل أحد عناصرها.

ومع ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي أمس على الموقوف محمد عياد - الذي كان «حزب الله» سلّمه إلى الجيش اللبناني - بجرم «قتل الجندي الايرلندي ومحاولة قتْل رفاقه الثلاثة بإطلاق النار عليهم من رشاش حربي» خلال مرور سيارتهم المدرّعة في منطقة العاقبية (جنوب) في 14 ديسمبر/كانون الاول الماضي، بدا أن أكثر من طرف «خرج رابحاً» رغم «الخاصرة الرخوة» التي يشكّلها عدم توقيف المتورّطين الستة الآخَرين لجهة إكمال كل «بازل» ما جرى وإذا كان ثمة «قطب مخفية» فيه، علماً أن 4 من هؤلاء «معروفي الهوية ومتوارين عن الأنظار» و«اثنين آخريْن مجهوليْ الهوية» وتم الادعاء عليهم «بجرائم إطلاق النار تهديداً من سلاح حربي غير مرخص وتحطيم الآلية العسكرية وترهيب عناصرها».

فـ «حزب الله» الذي كان مصدراً أمنياً أعلن أن تسليم مطلق النار الأساسي جاء في سياق تَعاونه مع التحقيق الذي تُجْريه مخابرات الجيش والذي كان وَصَفَ ما جرى بأنه «حادث غير مقصود» دعا لعدم إقحامه فيه، تفادى عبر ظهورِه بموقع مُسَهِّل المحاسبة في هذه الجريمة (رُبط فيها من باب التحريض التراكمي على «اليونيفيل» داخل بيئته) تشويهَ «الصورةِ الجديدة» التي خَرَج بها بعد إبرام اتفاق الترسيم البحري مع اسرائيل الذي اعتُبر الحزب «الجندي غير المجهول» فيه والذي أتاح له هذه المَرّة «الشَبْك» مع شبكة مصالح اقتصادية ونفطية عميقة باتت هي التي تَحْكُم جانباً أساسياً من «الجبهة» مع اسرائيل و«أزرار التحكم» بها.

والجيش اللبناني، الذي أعلنت قيادته أمس أنه «بعدما أنجزت مديرية المخابرات التحقيقات الأساسية في حادثة العاقبية، أحالت ‏بتاريخ 3 / 1 / 2023 الملف الأساسي على القضاء المختص»، تلافى إحراجاً كبيراً كان سيشكّله فشله في إحاطة هذا الملف بما يَلْزَم من اهتمامٍ يوصِل إلى توقيف أقله شخص واحد وإلى تحديد ملابسات الحادث الذي وَضَعَ المؤسسةَ العسكرية أمام امتحانٍ تجاه الخارج الذي يحوطها بدعم مستمرّ كونها المؤسسة الوحيدة الموثوقة في لبنان، وهو «الرصيد» الذي يجعل اسم العماد جوزف عون مطروحاً جدياً في الاستحقاق الرئاسي بوصْفه عنصر طمْأنةٍ للمجتمعين العربي والدولي وداخلياً باعتباره شخصية من خارج الاصطفافات السياسية بين ضفتيْ الموالاة والمعارضة.

أما «اليونيفيل»، التي كانت واجهتْ حملةَ تنديدٍ قادها «حزب الله» بقرار مجلس الأمن الأخير الذي مدّد مهمتها مع تعديلٍ يتصل بعدم حاجتها «إلى إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، وأنه يُسمح لها بإجراء عملياتها بشكلٍ مستقلّ»، فكسبتْ أن الاعتداء عليها، أياً كانت خلفياته، رسالة مشفّرة أو حادثاً وليد ساعته، لا أحد يحتمل أن يمرّ وكأن شيئاً لم يكن، وسط رصْدٍ للمواقف التي ستصدر ايرلندياً وأممياً ودولياً بإزاء الادعاء الذي أحال بعده عقيقي الملف مع الموقوف على قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوّان لإجراء التحقيقات وإصدار المذكرات القضائية اللازمة.