المصدر: مستقبل ويب
السبت 23 أيار 2020 19:55:18
أورد موقع مستقبل ويب ما يلي:
"نقل بعض وسائل الاعلام والمواقع الاخبارية رواية عن لسان رئيس الجمهورية الاسبق العماد اميل لحود يكشف فيها عما أسماه " مخطط القضاء على حزب الله العام ١٩٩٣ " ودور الرئيس الشهيد رفيق الحريري في هذا المخطط .
وتظهر من خلال قراءة مجريات الرواية حال التخبط والهلوسة التاريخية التي يعاني منها الرئيس لحود وترتقي الى مستوى أفلام الكرتون وما تحتويه من مبالغات وبطولات ونفخ عضلات على طريقة نجم الكارتون الابرز " باباي " وسواه من ابطال الصور المتحركة .
يبدأ باباي لحود روايته الملفقة، التي لا أثر لها في أي وثيقة او موقف سياسي ، بالحديث عن " معركة تصفية الحساب " في العام ١٩٩٣ اثر عملية قامت بها المقاومة ، ويقول : ان العدو الإسرائيلي باشر عدواناً ضد لبنان استمر اسبوعاً، وخلال هذا الوقت، كان رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، كعادته عندما يشعر بالخطر، وطوال مدة العدوان يسكن في منزله في دمشق.
وتابع لحود: عند انتهاء العدوان عاد الحريري الى بيروت وارسل بطلبي على عجل قائلاً: "أخيراً أقتنعت الدولة السورية بضرب حزب الله، وانا أحمل لك رسالة من القيادة السورية لضرب حزب الله غداً صباحاً، وانت غير مسؤول لأن قراراً من مجلس الامن سيصدر مساءً لقوات الطوارئ بأن يسيروا أمامك وسيقومون بتنظيف الجنوب من حزب الله، والجيش اللبناني يتسلم السلاح الذي تصادره قوات الطوارئ من الحزب ، وعلى طريقك احرق ايّ مسلح يظهر بقاذفة اللهب، وكذلك تخلص من الجبهة الشعبية في الناعمة بقاذفة اللهب".
ويسهب الرئيس الاسبق بعد ذلك في نسج روايات، معظم ابطالها صاروا في ذمة الله ، ليصل الى القول :
في صباح اليوم التالي، عند حضوري الى مكتبي تفاجأت بإجتماع قائد القوات الدولية مع أركانه مع مدير المخابرات ميشال الرحباني والمساعد الأول جميل السيد، وكانوا بإنتظاري وقد جهزوا الخريطة التي تشرح كيف ستنفذ قوات الطوارئ الدولية القرار بالتنسيق مع الجيش اللبناني، وقال لي قائد القوات الدولية بما أنه لا وقت لدينا والقرار سيصدر الساعة العاشرة في المجلس الأعلى للدفاع، سنشرح لكم كيف سننفذ العملية، فقلت له أنا ابلغت رئيس الوزراء أني لن أنفذ ولذلك انتظروا حتى يعين قائد جديد للجيش عندها اشرحوا له كيفية التنفيذ، وبعد خمسة عشر دقيقة، وبحضور الجميع اتصل بي وزير خارجية لبنان ( يقصد فارس بويز ) وكلمني عبر سبيكرفون قائلاً: القرار أُتخذ وعليك أن تنطلق مع قوات الطوارئ وأن تتخلص من المسلحين بالصواريخ ....
الغريب العجيب في هذه الرواية، التي تتداخل فيها الاتهامات مع التخيلات، انها تتحدث عن قرار أصدره مجلس الامن الدولي، لا أثر له في الوجود، بتصفية حزب الله وتكليف قيادة قوات الطواريء الدولية تنفيذ هذه المهمة مع الجيش اللبناني، وتجهيز الخرائط المعدة للتنفيذ بحضور مدير المخابرات ميشال الرحباني ومساعده العميد جميل السيد ( ما غيرو).
ولا يُفهم من الالتباس الذي وقع فيه الرئيس لحود، ما اذا كانت مديرية المخابرات والعميد جميل السيد في حينه يشكلون جزءاً من المخطط، ام هم شهود زور على حادثة او رواية لا تأتي على ذكرها الوقائع المكتوبة والمحكية .
وقد فات الرئيس المفوه انه في ظل قيادته للجيش وقع اول اصطدام مسلح مع حزب الله في ١٣ ايلول ١٩٩٣، اثناء تظاهرة ضد اتفاق اوسلو جرى تنظيمها تحت جسر الغبيري، وادت الى مقتل عشرة مواطنين وجرح آخرين برصاص قوة الجيش التي تأتمر بأوامر القيادة العسكرية، وهو على رأسها، دون سائر الاوامر التي الصقت زوراً برئيس الحكومة ووزير الدفاع في حينه .
فالذي يأمر باطلاق الرصاص هو المسؤول العسكري، وقد كان العماد لحود هو ذاك المسؤول، الذي أمر بالمجزرة او في أسوأ الاحوال رضخ لامر التصدي للتظاهرة وارتكاب المجزرة .
وكما فاتت الرئيس النبيه تلك الواقعة ، فاتته ايضاً، ان الرئيس رفيق الحريري، رحمه الله ، قصد دمشق أثناء العملية الحربية للعدو الاسرائيلي، في مهمة وطنية نبيلة لا تستوي مع حدود تفكيره، خصوصاً وان اهل المعرفة والاطلاع، وهو ليس منهم، يعلمون ان الرئيس الحريري اقام ثلاثة ايام متتالية في دمشق بهدف تأمين عقد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب في العاصمة السورية، وهو الاجتماع الذي مكن لبنان من مواجهة تداعيات العدوان والخسائر التي نجمت عن قصف البنى التحتية ومحطات الكهرباء .
كلمة اخيرة للرئيس الاسبق اميل لحود؛ ذاكرة اللبنانيين تسجل واقعتين لا مجال فيهما للنسيان والنكران مهما ابدعت قوى التلفيق والروايات المفبركة. الواقعة الاولى ان الرئيس رفيق الحريري هو الذي دافع بصدره عن كرامة لبنان ورفض ان يطعن المقاومة في الظهر وابرم اتفاق نيسان العام ١٩٩٦، والواقعة الثانية ان الرئيس رفيق الحريري سقط شهيداً في ظل النظام الامني للرئيس العماد اميل لحود وادواته الاقليمية .
ورحم الله العميد ريمون اده الذي اختزل واقع الحال بمقولته الشهيرة بعيد وصول اميل لحود الى سدة الرئاسة ؛ انه عهد نص عقل ونص لسان ونص كم .
عهدك ملطخ بدماء الشهداء الاحرار يا اميل ... فتوقف عن "اختياع " ... عفواً اختراع البطولات" .