المصدر: الراي الكويتية

The official website of the Kataeb Party leader
الثلاثاء 2 أيلول 2025 23:50:44
تكاد أن تشكل جلسة الجمعة، والمخصصة لمناقشة خطة وضعها الجيش بناء لقرار منها لـ«حصر السلاح بيد الدولة» منعطفاً بالغ الحساسية لما ينطوي عليه القرار المرتقب لمجلس الوزراء من مؤشرات يمكن معها فهم اتجاهات الريح في لبنان.
وبدت الحكومة، مع العد التنازلي، وكأنها أمام خيارات ضيقة... فالتقدم خطوة إلى الأمام في ترجمة قرارها بـ«حصر السلاح» عبر جدول زمني لخطة الجيش ينطوي على مضاعفات، ليس أقلها «المواجهة» التي يلوح بها «حزب الله»، والتراجع خطوة قد يفتح البلاد أمام مغامرة إسرائيلية متجددة ويجعلها في حال انكشاف أمام الحاضنتين العربية والدولية.
ولم يعد سراً القول إن الاتصالات الحثيثة في الداخل ومع الخارج تمضي نحو محاولة إيجاد مخرج ملائم يرضي الحكومة في تصميمها على «حصر السلاح» ولا يغضب الحزب الذي غالباً ما يضع خطاً أحمر حول سلاحه، وهو المخرج الذي بدا أشبه بـ «أحجية» تتناسل حولها الأفكار والمقاربات والتسريبات التي غالباً ما يحلو لها إحالة الأمر إلى خطة الجيش.
واللافت هو استمرار المواقف العلنية على حالها، فالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى طالب الحكومة بـ«عدم المضي في قرار حصر السلاح»، في وقت تقاطعت تقارير عند الكلام عن أن وزراء «الثنائي الشيعي» سيشاركون في الجلسة الحكومية، لكنهم لن يناقشوا خطة الجيش وقد يلجأون إلى الانسحاب في حال تقرر إقرارها.
و رغم المساعي، التي يشارك فيها رئيس الحكومة نواف سلام، ليسكب مياها باردة على المناخ السياسي المتوتر، فإن ما يرشح من معلومات يؤشر إلى أن الحكومة ليست في وارد التراجع ولن تتخذ أي خطوة من شأنها إظهار عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها.
ويضطلع السفير المصري علاء موسى، بمبادرة فحواها أن ممارسات إسرائيل ليست مبرراً لتراجع الحكومة اللبنانية عن تعهداتها، بل إن المضي قدماً يجعل أصدقاء لبنان أكثر حرصاً على الضغط على إسرائيل للقيام بالخطوات المطلوبة منها ولو عبر وقف لإطلاق النار أو إطلاق بعض الأسرى أو الانسحاب من عدد من التلال التي تحتلها.
السلاح الفلسطيني
وفي انتظار ما ستؤول إليه مشاورات الساعات المقبلة، يمضي مسار تسليم السلاح الفلسطيني من دون تردد بقرار مباشر من قيادة حركة «فتح» - قوات الأمن الوطني، وبمعزل عن نتائج النقاش اللبناني الداخلي.
وكشفت مصادر فلسطينية لـ «الراي»، أنّ ياسر عباس، نجل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومعه مستشاره الخاص، موجود في بيروت منذ أيام بعيداً عن الأضواء، لمواكبة مراحل التسليم المقبلة، بعدما كان أشرف مع قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء بحري العبدإبراهيم خليل على المراحل السابقة من عملية التسليم والتسلم مع الجيش اللبناني.
وتزامنت زيارة نجل «أبومازن» مع الموقف الحاسم الذي أعلنه عباس، قاطعاً أي جدل حيال هذا الملف، حين أكد أن «السلاح الفلسطيني أدى غرضه منذ العام 1969 ولم يعد له أي دور الآن»، مشدداً على أنّ «سحب سلاح المخيمات الفلسطينية يشكل مقدمة لحماية لبنان».
ولم يخف عباس «أنني اتفقت مع الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون على سحب كل السلاح الفلسطيني من لبنان. نحن مصممون على ذلك ولن أكون سبباً في تعطيل مشروع الدولة اللبنانية. ما نريده علاقة طبيعية مع لبنان تحفظ وحدته وأمنه».
وأبلغت مصادر في «فتح»، «الراي»، أن قرار التسليم طوعاً يشمل كل المخيمات، بما فيها مخيم عين الحلوة، تنفيذاً لاتفاق 21 مايو الماضي.
غير أن مبادرة «فتح» لم ترق للقوى الفلسطينية المحسوبة على «محور الممانعة»، إذ رأت فيها تفرداً، وهو ما فرض مسارين متوازيين: الأول تقوده «فتح» مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، والثاني تتبناه القوى «الوطنية والإسلامية المعارضة»، ولا سيما «تحالف القوى الفلسطينية»الذي عقد اجتماعاً في مقر «حماس» في بيروت، مؤكداً موقفه القائم على ركيزتين: ضرورة أن تكون مقاربة الوجود الفلسطيني في لبنان، شاملة، لا تقتصر على البعد الأمني، والدعوة إلى تنظيم وضبط السلاح عبر القوة الأمنية المشتركة بإشراف هيئة العمل الفلسطيني المشترك وبالتنسيق مع الجيش، بدل تسليمه كلياً، وهو طرح لم يُبحث حتى الآن لا مع «فتح»، ولا في إطار هيئة العمل المشترك، ولا مع لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني.
أما على صعيد التنفيذ، فقد جرت حتى الآن ثلاث مراحل متتالية لتسليم السلاح الفلسطيني:
- الأولى في مخيم برج البراجنة بتاريخ 21 اغسطس 2025.
- الثانية في مخيمات الجنوب (الرشيدية، البص، والبرج الشمالي) يوم 28 أغسطس.
- الثالثة في مخيمات بيروت (برج البراجنة، شاتيلا، ومار إلياس) في 29 أغسطس.
ويبلغ عدد المخيمات في لبنان 12، أصبحت 6 منها خالية من سلاح «فتح» الثقيل والمتوسط بعد هذه المراحل، وهي: برج البراجنة، شاتيلا، ومار إلياس في بيروت، إضافةً إلى الرشيدية، البص، والبرج الشمالي في صور، فيما يُعد مخيما نهر البارد في الشمال والضبية شرق بيروت، خاليين أصلاً من السلاح، ما يعني أن أربعة مخيمات فقط مازالت تحتفظ به، وهي، البداوي (الشمال)، الجليل (البقاع)، المية ومية، وعين الحلوة (صيدا).
وخارج المخيمات، انتهى أي وجود للسلاح الفلسطيني نهائياً مع سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، حيث تسلّم الجيش المواقع العسكرية التي كانت خاضعة لـ«القيادة العامة»و«فتح الانتفاضة» على الحدود مع سورية وصولاً إلى الناعمة.