حضور الجيش يتسارع بكثرة في طرابلس

يتدحرج التراجع غير المنضبط للأوضاع الأمنية في طرابلس ما يسرّع أهمية البحث عن حلول ممكنة تحدّ من المظاهر المسلّحة التي تفاقمت أكثر بداية الأسبوع الحاليّ، ما أدّى بالقوى السياسية ونوّاب عاصمة الشمال اللبنانيّ إلى طلب التدخّل من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخليّ حتّى لا تحتدم الفوضى الحاصلة.

وانطلاقاً من معطيات "النهار"، فإنّ دوريّات الجيش حضرت بكثرة بهدف إعادة الاستقرار للمدينة بعدما أسرعت في اتّخاذ إجراءات هادفة للمساعدة في تطبيق القانون. وكان بعض المواكبين السياسيين للانزلاقات الأمنية التي تشهدها طرابلس منذ أسابيع، قد هرعوا للبحث عن سبلٍ تحول من دون خروج شوارع طرابلس عن السيطرة. واستنكروا لجوء بعض المواطنين لإطلاق النار العشوائيّ كلّما نشبت خلافات مجتمعية شخصيّة، من دون إغفال تأثير الفقر المدقع على مراكمة تبعات الفوضى الأمنية. ولم تكن أعمال الشغب قد تقلّصت في الأسابيع الماضية رغم كلّ المحاولات المتّخذة للحدّ منها، لكنّها بقيت ضمن حدود الصراعات الاجتماعية بشكلٍ خاص. ولا يلغي ذلك أهمية أن ينطلق أي حلّ من أطر سياسيّة بحسب تأكيد نواب طرابلسيين، لا يقلّلون من فحوى أزمة الشغور المؤسساتي على المناطق اللبنانية وخصوصاً تلك التي لطالما كانت تحتاج بلورة أعمال تحفّز تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للسكان وفي مقدّمها مدينة طرابلس خصوصاً. ولا ينكفئ الرهان الأساسيّ على القوى الأمنية في المرحلة الحالية تحييداً للمدينة عن أيّ تأجّج إضافيّ للأزمات المعيشية والاجتماعية.

يختصر عضو كتلة "تجدّد" النائب أشرف ريفي تطورات الأوضاع داخل طرابلس في قوله لـ"النهار"، إنّ "هناك أزمة ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية كانت لها تبعاتها الأمنية بعدما فقدت الدولة اللبنانية جزءاً من هيبتها، ولا بدّ من اعتماد حلّ سياسيّ واقتصاديّ لا الاكتفاء فحسب في البحث عن المساندة الأمنية. وبدأت دوريات الجيش اللبناني تتولّى الأمن في المدينة بعدما كانت الأوضاع قد تجاوزت كلّ الحدود المعقولة في الأسبوعين الماضيين". ويسرد أنّ "غالبية الإشكاليات التي تعانيها طرابلس تعتبر اجتماعية حيث يستعمل السلاح لأيّ سبب من دون الأخذ في الاعتبار احترام القانون نتيجة الأزمة الحاصلة على نطاق السياسة والقضاء، مع تراجع قدرات القوى الأمنية التي فقدت جزءاً من عديدها وتعاني أزمات اقتصادية جعلتها تخفّف نظام الخدمة العسكرية الذي تغيّر اضطرارياً". ويعتبر اللواء أشرف ريفي انطلاقاً من خبرته الأمنية، أنّ "هناك استخفافاً لدى بعض المواطنين الذين يستعملون السلاح لأيّ سبب وسط تقلّص لقدرات القوى الأمنية التي لم تعد كافية في ظلّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فيما من الضروري استعادة حضور الدولة وانتظام عمل المؤسسات شمولاً بالقضاء". ولا يغيب عن منظاره، أنّ "وتيرة الجرائم ارتفعت كما إطلاق النار وسط فقر مدقع والحاجة إلى الطبابة والإمكانات اللازمة للعيش في مقابل انخفاض القدرات الأمنية. لذلك، لا يمكن البحث عن حلّ كلّيّ في العسكر قبل السياسة، لكن لا مخاوف من حوادث أمنية منطلقة من طابع سياسيّ".

كانت الأوضاع الأمنية قد ساءت في طرابلس بشكل أكثر احتداماً يوم الثلثاء الماضي، بعدما كانت "النهار" تداولت في أهمية إيجاد حلول للمشاكل الأمنية التي عادت وتفاقمت سريعاً ما ضاعف التوجّس السياسيّ في المدينة. وقد عمل الجيش اللبنانيّ على التدخّل الهادف لضبط الأوضاع التي تحسّنت حاليّاً، لكنّ ذلك لا يلغي الحاجة للحلول السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولا مخاوف من تبعات قد تؤدّي إلى التطرّف أو حضور التنظيمات الإرهابية لأنّ طرابلس ليست ملاذاً لها، لكنّ ذلك لا يقلّل من أهميّة الحدّ من خطورة الفقر الذي يضرّ في مدينة تحتاج الكثير اقتصادياً واجتماعياً.

من ناحيته، يقول عضو تكتل "الاعتدال الوطنيّ" النائب عبد العزيز الصمد لـ"النهار" إنّ "الفوضى الأمنية التي شهدتها مدينة طرابلس شملت إطلاق النار في الهواء ما أوقع قتلى وجرحى بسبب صراعات اجتماعية وانتشار الفقر الذي فاقم تردّي الأوضاع في مختلف أنحاء لبنان، بما في ذلك على نطاق طرابلس. وكنّا تحدّثنا مع قائد الجيش ووزير الدفاع ومدير عام قوى الأمن الداخليّ ووزير الداخلية الثلثاء بهدف ضبط الأمن بعدما تفاقمت الفوضى. وبعد ذلك، بدأت دوريات من الجيش اللبنانيّ تحضر أكثر في شوارع المدينة لإعادة الاستقرار إليها". ويستنتج أن "لا بدّ للبنان أن يخرج من الأزمة مع ضرورة إعادة تنظيم عمل المؤسّسات وانتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ المشاكل موجودة في كافّة المناطق اللبنانية والفقر كان له تبعاته على الشعب اللبنانيّ. ولا يوجد مشاكل أمنيّة من طابع سياسيّ في طرابلس بل خلافات شخصيّة، بما في ذلك إطلاق النار في الهواء، ولكن لا صراعات سياسيّة كما تلك التي كانت ناشبة بين جبل محسن وباب التبّانة".