حكاية مطار القليعات.. ورفض محمد رعد

عام 2011، فاتح الرئيس سعد الحريري الحزب بمشروع تشغيل وتطوير مطار الشهيد الرئيس رينيه معوّض المعروف بمطار القليعات، فجاء جواب الحزب سلبياً: "مش وقتها". منذ أشهر، طرح مجدّداً رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب سجيع عطية تطوير مطار القليعات ليكون "فرعاً" من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بسبب عدم وجود هيئة ناظمة للطيران المدني تسمح بإنشاء مطار مستقلّ. وعليه، ولمّا كان وزير الأشغال العامّة محسوباً على الحزب الرافض لإنشاء المطار، قرّر عطية مع وفد من تكتّل الاعتدال الوطني بصفته حاملاً لهذا المطلب، أن يقوم تحديداً بزيارة الحزب في حارة حريك لطرح هذه القضية، وقرّر التكتّل أن يضع الزيارة تحت غطاء "جولة نيابية لطرح تشغيل المطار". فتوجّه عطية، يرافقه النواب محمد سليمان أحمد رستم ووليد البعريني والنائب السابق هادي حبيش، إلى حارة حريك، وكان في استقبالهم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد والنواب علي عمّار وحسين الحاج حسن وأمين شرّي .

اجتماع حارة حريك ورفض رعد
في بداية اللقاء شرح الوفد للحزب أهمية تشغيل هذا المطار انطلاقاً من الحاجة إليه في عكار. يقول النائب سجيع عطية لـ"أساس" إنّه "انطلاقاً من جهوزية التمويل لتشغيل المطار عبر الشركات الخاصة التي عبّرت عن استعدادها للاستكمال، وانطلاقاً من الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لمطار القليعات كان لا بدّ من تذليل العقبة السياسية أمام إعادة تشغيله، فجاءت خطوة زيارة الحزب". يشرح عطية أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه مطار القليعات بعدما وصل مطار رفيق الحريري الدولي إلى قدرته الاستيعابية القصوى، وهي 8,000 شخص في اليوم، واضطراره إلى استقبال ما يقرب من عشرين ألف شخص، وانطلاقاً من البنى التحتية التي لا تساعد في استقبال هذا العدد من المسافرين في مطار رفيق الحريري، وحاجة عكار إلى مطارها لإعادة إحيائها، لا بدّ من إعادة تشغيل مطار القليعات.
إلا أنّ أماني كتلة الاعتدال ورئيس لجنة الأشغال اصطدمت بما تعتبره مصادر مقرّبة من الحزب "هواجس الحزب من إنشاء مطار في عكار".

في بداية الاجتماع وبعد سماع مطلب النواب الشماليين، رحّب النائب محمد رعد بالوفد العكّاري معبّراً عن دعم الحزب لحاجات المنطقة وتفهّمه لها. ولكنّه سرعان ما عدّد مجموعة "هواجس" للحزب تجعل من تشغيل المطار مهمّة مستحيلة:
- أوّلاً: تخوّف الحزب من دخول عناصر متطرّفة أو من تنظيم داعش عبر مطار القليعات.
- ثانياً: من سيحفظ أمن المطار؟ عبّر رعد بهذا السؤال عن هاجس أمنيّ للحزب من تشغيل مطار في عكار.
- ثالثاً: هواجس تقنيّة في عملية تشغيل المطار .
عند إكمال رعد هواجس حزبه، قام النائب السابق هادي حبيش بمداخلة أجاب فيها على النقاط الثلاث قائلاً:
- أوّلاً، إنّ التخوّف من دخول عناصر متطرّفة من مطار القليعات غير مبرّر بوجود حدود غير مضبوطة، وعلى الحزب التحوّل من ضبط الحدود الجوّية إلى ضبط الحدود البرّية التي تشهد كلّ الأجهزة على التهريب الحاصل فيها.
- ثانياً، إنّ أمن مطار القليعات يجب أن تتولّاه الأجهزة الأمنية الرسمية اللبنانية، فهذه مهمّتها في الأساس .
- ثالثاً، في الشقّ التقني يوجد اختصاصيون يتقنون مهمّتهم يمكن النقاش معهم في استكمال الاستعدادات التقنية، وتقع على المديرية العامّة للطيران المدني مسؤولية تحديد المجالات الجوّية المناسبة للطائرات.

الملفّ قيد الدرس
ردّ رعد بأن ليس التوقيت صحيحاً للقيام بهذه الخطوة، ونقلت عنه مصادر الاعتدال قوله إنّ الأجدى انتخاب رئيس جمهورية قبل أيّ شيء آخر، فما كان من الكتلة سوى تذكير رعد بأنّ الحزب معارض لتشغيل المطار منذ عام 2011، واليوم أصبحنا في عام 2023 وما يزال التوقيت غير صحيح..!
قبل الخروج من اللقاء، سأل سجيع عطية رعد ماذا يمكن أن يقول في التصريح وإذا كان بالإمكان القول إنّ الحزب موافق مبدئياً، فرفض رعد قائلاً له أن ينقل عن الاجتماع أنّ هذا الملفّ "قيد الدرس".

رأت مصادر "الاعتدال" في حديث إلى "أساس" أنّ الحزب ينتظر انتخاب رئيس للجمهورية ليبني على المخطّط التوجيهي الذي تقوم به لجنة الأشغال، إلا أنّ مصادر مطّلعة على موقف الحزب تقول إنّ التوقيت لم يكن صحيحاً عام 2011 ولن يكون صحيحاً ما دام الحزب لا يستطيع أن يمسك بمطار القليعات أمنياً تماماً كما يمسك بالبيئة الجغرافية التي يقع فيها مطار رفيق الحريري الدولي. فكيف له أن يوافق، وهو الممسك أمنيّاً بالمعابر كافّة، على معبر جديد لا يمكنه أن يمسك ببيئته الاجتماعية والسياسية والأمنيّة؟