المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الخميس 2 تشرين الأول 2025 15:05:17
بينما بدأت حركة "حماس" في غزة تُراجع تموضعها السياسي والعسكري، وتُبدي إنفتاحًا ضمنيًا على خطط التسوية الإقليمية، بعد عرض خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يبقى "حزب الله" في لبنان متشبثًا بموقعه على رأس الشجرة، لا ينزل ولا يسمح لأحد بإنزاله.
المفارقة أن هذا العناد لم يعد يُقابل بأي تعاطف، لا إقليميًا ولا دوليًا، بل يُقرأ كمصدر شلل داخلي لبناني في وقت يتحرك فيه الإقليم نحو حقبة جديدة من الازدهار والنمو، بعيدًا عن لغة السلاح والشعارات الخشبية.
تُجمع مصادر سياسية واسعة الاطلاع على أن التحولات الجارية في المنطقة لا تحتمل المراوغة، لا الوقت ولا الإيقاع يسمحان بمزيد من التلكؤ اللبناني، فالمسار واضح مفاده، دول تعيد ترتيب أولوياتها، تُطبّع، تتفاوض، تستثمر، وتُعيد بناء اقتصاداتها على أنقاض الحروب، وسط كل هذا، يبدو لبنان وكأنه يُدار بعقلية الملاجئ، ينتظر نهاية العاصفة التي مضت أصلًا من فوقه.
وفق ما كشفته المصادر لموقع "kataeb.org"، فإن الركود السياسي في لبنان ليس خيارًا آمنًا، بل مسارٌ إنتحاري، خصوصًا إذا بقي النقاش الداخلي محصورًا بثنائية السلاح والجيش، فيما العالم حولنا يعيد رسم الخرائط بسياسات أكثر واقعية، وتضيف المصادر: لبنان ليس جزيرة معزولة عن محيطه، بل يتأثر بكل تغير إقليمي، وهذا ما يجعل من الضروري مواكبة تلك التحولات لا مواجهتها من دون أفق.
بالتالي، ليس سرًا أن تلويح "حماس" بقبول بعض عناصر خطة ترامب، رغم ما تحمله من تحفظات، يعكس براغماتية جديدة فُرضت بفعل المتغيرات، سواء أكان ذلك بضغط إقليمي، أو بقراءة مستجدة لتبدل ميزان القوى، فإن الحركة تسعى على ما يبدو للخروج من مأزق العزلة الخانقة التي تعيشها غزة.
أما الحزب وفق المصادر نفسها، فلا يزال يرفع السقف ويُغلق النوافذ، يتصرف وكأن الوقت لصالحه، وكأن المظلة الإيرانية التي تقيه اليوم ستبقى ممتدة إلى الأبد، لكنه يتجاهل أن طهران نفسها تفاوض وتهادن، وتسعى للخروج من عنق زجاجة العقوبات والضغوط الغربية.
الخيارات أمام لبنان تضيق، لم يعد ممكنًا الجمع بين اقتصاد مستدام ودويلة مسلحة، بين انفتاح مطلوب واصطفاف مكلف، والمراوحة لم تعد سياسة، بل خسارة يومية تتراكم.
في المقابل، الدول التي اختارت التخلي عن الأيديولوجيا المسلحة، وذهبت نحو التهدئة والتكامل الاقتصادي، بدأت تجني ثمار هذا التحول، من الخليج إلى مصر، مرورًا بالأردن وحتى بعض أركان السلطة الفلسطينية الجميع يتحرك نحو "سلام الممكن"، فهل يعقل أن يبقى لبنان واقفًا على الحياد القاتل، يراقب ولا يشارك؟
الخلاصة، إذا كانت حماس برغم جذورها العقائدية والقتالية قد "حسّت على دمها"، فالسؤال المشروع، متى يستيقظ الحزب من غيبوبة العناد؟ لأن الشجرة، وإن كانت عالية، إلا أن عواصف المنطقة بدأت تقتلع كل من لا يتأقلم.