المصدر: نداء الوطن
الكاتب: أمل شموني
السبت 14 حزيران 2025 06:41:44
في تصعيد حادّ للتوترات في الشرق الأوسط، شنّت إسرائيل عملية "الأسد الصاعد" العسكرية ضد إيران، أُشيدَ بها في أوساط واشنطن باعتبارها مبتكرةً وشاملةً. ووفقاً لديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق والزميل البارز في معهد واشنطن، فإن هذه العملية قد تُشير إلى حملةٍ استراتيجيةٍ طويلة الأمد. وقال شينكر لـ "نداء الوطن": "أعتقد أن عملية إسرائيل كانت مبتكرةً وشاملةً. لقد قلّصت وأضعفت الكثير من قدرات إيران. إن هذه الحملة العسكرية لا تزال في بداياتها، وأتوقع أن تستمر لبعض الوقت. إنها تُشبه في استراتيجيتها وتكتيكها العمليات الإسرائيلية التي طالت حزب الله"، مُسلّطاً الضوء على التأثير الكبير الذي يُمكن أن تُحدثه هذه العملية على توازن القوى الإقليمي.
يبدو أن حملة "الأسد الصاعد" الإسرائيلية مُخطّط لها بدقة، وهي تستند إلى سنواتٍ من التحضير الاستخباراتي. فقد أوضح شينكر قائلاً: "بالفعل. بعد حرب 2006 مع "حزب الله"، بدأت إسرائيل استثمار موارد كبيرة في جمع المعلومات الاستخباراتية وتحديد أهداف لـ "حزب الله". وقد طبّقت النهج نفسه مع إيران". وأكد أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، التي شملت تصفية شخصيات عسكرية رئيسية، تُظهر خطة قتالية مدروسة ومبتكرة.
تأتي هذه التطورات في ظل توترات مستمرة في العلاقات الأميركية - الإيرانية وديناميكيات جيوسياسية معقدة. ولاحظ شينكر أن إدارة ترامب كانت قد "منعت" إسرائيل من القيام بأعمال عسكرية مباشرة ضد إيران. ومع ذلك، ومع فشل المفاوضات الدبلوماسية في تحقيق نتائج، غيّر ترامب مساره، مانحاً إسرائيل الضوء الأخضر لضرباتها الأخيرة، مع سعيه في الوقت نفسه إلى "الحفاظ على مسافة من العمليات"، مضيفاً أن ترامب لا يزال متفائلاً باستئناف المحادثات، وإن كان ذلك مع توقعات ضئيلة بالنجاح.
مع تصاعد وتيرة الغارات الجوية، يُطرح سؤال مُلِحّ: هل ستُجبر هذه الهجمات إيران على إعادة النظر في طموحاتها النووية؟ يشير شينكر إلى أنه في حين لا تزال طهران ملتزمة ببرنامجها النووي، فإن الخسائر العملياتية قد تُجبرها على إعادة تقييم استراتيجيتها. وقال: "تحتاج إيران إلى تقييم اعتباراتها وحساباتها الاستراتيجية الخاصة بعناية. يبدو أنهم مُلتزمون بطموحاتهم النووية. ومع ذلك، إذا أُجبروا على الاختيار بين نظامهم وطموحاتهم النووية، فإن الاعتقاد السائد هو أنهم سيختارون بقاء النظام... ولكن من الواضح أنهم لا يريدون التنازل عن البرنامج النووي. لا يريدون أن يروا أنفسهم يخسرون المقاومة، هم يريدون الردّ على إسرائيل... لكنهم قد لا يكونون في وضع يسمح لهم بذلك".
قد تكون للتداعيات الأوسع لهذا الصراع آثار دائمة على الاستقرار الإقليمي. يتكهّن شينكر قائلاً: "إذا أدّت هذه الأحداث إلى انتكاسة كبيرة للبرنامج النووي الإيراني، فسيكون ذلك مُفيداً للاستقرار الإقليمي ويُعزز القوى المُعتدلة في المنطقة". ومع ذلك، حذّر من أنه إذا تم تقليص قدرات إيران فقط بدلاً من القضاء عليها، فقد يدفعها ذلك إلى تسريع مساعيها النووية بدلاً من التراجع عنها.
علاوة على ذلك، يشهد المشهد في الشرق الأوسط تحوّلاً كبيراً منذ نهاية العام الماضي. وأوضح شينكر أنه "منذ تشرين الثاني الماضي، شهد الشرق الأوسط تحوّلاً جذرياً. فقد واجهت إيران انتكاسات - بفقدانها لاعبين رئيسيين وقدرات - من خلال تراجع قدرات "حماس" و"حزب الله"، إلى جانب سقوط نظام حليفها الاستراتيجي بشار الأسد في سوريا والانتكاسات التي مُني بها الحوثيون، والآن عمدت إسرائيل إلى استهداف إيران نفسها وأفقدتها العديد من العناصر الاستراتيجية المهمة. ولكننا لا نعرف كيف سينتهي هذا المشهد. لكن دور طهران البارز كمُفسد إقليمي لطالما كان قوة مزعزعة، أعاقت التقدم الاقتصادي والتكامل الإقليمي لفترة طويلة".
فهل تُمهّد هذه الخلفية الطريق لتغييرات محتملة في التحالفات وديناميكيات القوة بين دول الشرق الأوسط، والتي قد تنشأ عن أفعال إسرائيل؟ يشير شينكر إلى أن نهج الرئيس ترامب تجاه التدخل العسكري لطالما كان حذراً. وقال: "على الرغم من أن ترامب أمر بقتل سليماني خلال فترة ولايته الأولى، إلّا أنه ليس من دعاة الحرب. لقد دعا باستمرار إلى خفض التصعيد، مُعارضاً التدخل العسكري إلّا في حالة الضرورة القصوى". تعكس تعليقات ترامب الأخيرة هذا الشعور، إذ أصرّ على أن إيران يجب أن تمتثل للمطالب الأميركية قبل مواجهة عواقب وخيمة. تعكس تصريحاته رغبة في ممارسة الضغط من دون توريط الولايات المتحدة بالكامل في صراع طويل الأمد.
ومع تطور العملية العسكرية، لا يزال الوضع غير مستقرّ، والعالم يراقب عن كثب. قد تُعيد تداعيات الإجراءات الإسرائيلية والقرارات الإيرانية والتدخل الأميركي رسم المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط لسنوات قادمة. وفي الأيام المقبلة، ستكون ردود فعل كلٍ من إسرائيل وإيران، بالإضافة إلى إمكانية تجديد التعاون الدبلوماسي، حاسمةً في تحديد مسار هذا الصراع المتصاعد.