المصدر: الديار
الكاتب: دوللي بشعلاني
الأحد 19 تشرين الأول 2025 08:01:36
في خطوة تعكس تحوّلات استراتيجية في جنوب لبنان، أعلنت الأمم المتحدة عن خطة لخفض عديد قوّات "اليونيفيل" بنسبة تصل إلى 25%، وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2790 الصادر في 28 آب المنصرم. هذا القرار الذي مدّد مهمة "اليونيفيل" حتى نهاية عام 2026، على أن تبدأ الانسحاب التدريجي على مدار عام 2027، مع سحب كامل للقوات بحلول نهاية العام.
وفي اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية جوزاف عون بقائد قوّات "اليونيفيل" الجديد الجنرال الإيطالي ديوداتو أبانيارا، أكّد الأخير على أنّ خفض عديد القوّات الدولية لن يؤثر في التنسيق القائم مع الجيش اللبناني أو الدعم المقدّم له في منطقة العمليات الدولية جنوب نهر الليطاني. وأضاف أن هذه الخطوة تأتي في إطار تقليص عالمي للبعثات الأممية (بسبب خفض الميزانية)، لكنها لن تؤثر في التعاون العملياتي بين القوات الدولية والجيش اللبناني. فهل سيُكتفى بأن يحلّ الجيش اللبناني مكان "اليونيفيل"، أم أنّه سيتمّ اللجوء إلى قوّات متعدّدة الجنسيات للحفاظ على الأمن والاستقرار فيه؟!
ينصبّ التركيز حالياً على تعزيز قدرة الجيش اللبناني لكي يتمكّن من تحمّل المسؤولية الأمنية في الجنوب. ووفقاً لقرار مجلس الأمن الأخير، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، فإنّ أي إخلاء لموقع من مواقع قوّات "اليونيفيل" يهدف إلى تسليم المسؤولية الأمنية للدولة اللبنانية وقوّاتها دون سواهما. والقرار الأخير يضع إطاراً زمنياً وإجرائيّاً لسحب القوّة الدولية، لكنه لا يفرز تلقائياً قوّة متعددة الجنسيات بديلة عنها ذات تشكيل معيّن تحت إشراف الأمم المتحدة. وبدلاً من ذلك، يؤكد على التنسيق الوثيق مع الحكومة اللبنانية والدول المساهمة بالجنود، أثناء عملية المغادرة. لهذا تتوقّع أن يتولى الجيش اللبناني السيطرة الكاملة على المناطق والمواقع التي هي تحت إشراف "اليونيفيل".
مع ذلك، يشير بعض المحلّلين إلى أن هذه الخطوة المستقبلية قد تواجه تحديات عديدة أبرزها عدم توافر الأمور المالية واللوجستية التي يحتاج إليها الجيش اللبناني لتطبيق انتشاره الكامل عند الحدود الجنوبية. الأمر الذي يفرض انعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش الذي ستدعو اليه فرنسا في وقت قريب، ما يسمح للجيش اللبناني بالحصول على كلّ التعزيزات اللازمة لانتشاره وبسط سيطرته في المنطقة الجنوبية.
وعن إمكانية الاستعانة بقوّات متعدّدة الجنسيات، بعد المغادرة الكاملة والنهائية لقوّات "اليونيفيل" (التي تُشارك فيها اليوم 47 دولة)، تجد المصادر نفسها أنّ الوقت مبكر لحصول هذا الأمر كونه سينتهي في أواخر عام 2027، أي بعد سنتين. وخلال هذه الفترة، أمور كثيرة تكون قد تغيّرت على الأرض. وحتى الآن، لا توجد معلومات رسمية تشير إلى نيّة الأمم المتحدة أو مجلس الأمن نشر قوات متعددة الجنسيات بديلة لليونيفيل بعد انسحابها.
وعن بدء خفض عديد "اليونيفيل" في مرحلة أولى، بنسبة 25%، وفق الخطة التي تجري مناقشتها، والتي يُفترض أن تبدأ أواخر العام المقبل (2026)، تلفت المصادر السياسية إلى أنّ هذا يعني تقليص عديد القوّات الدولية الحالي الذي يبلغ حتى 1 آب المنصرم، 10.509 جنود، إلى 7.881 ، أي سحب 2628 جندي. الأمر الذي يفرض استبدال هذا العدد من الجنود المغادرين، بعدد مماثل من عناصر الجيش اللبناني. وكان الرئيس عون قد تحدّث عن نشر 6000 آلاف جندي إضافي للمنتشرين حالياً في الجنوب، ما يرفع العدد إلى 10 آلاف جندي، وهو عدد كافٍ لإحلال الأمن في الجنوب وفي المنطقة الحدودية، لا سيما بعد تنفيذ انسحاب القوّات "الإسرائيلية" من التلال الحدودية الخمس المحتلّة.
وفي الخلاصة، أوضحت المصادر أنّ كلاً من "اليونيفيل" والجيش اللبناني يتحضّران منذ الآن لعملية خفض عديد القوّات الدولية العاملة في جنوب لبنان، والهدف عدم ترك ثُغر يستطيع أي طرف مسلّح وموجود على الأرض، الاستفادة منها. والعمل سيتواصل خلال الأشهر المقبلة لتطبيق الخطة، وفقاً للجدول الزمني المحدّد. كما أنّ التنسيق مع الجيش اللبناني مستمر، وكذلك الدعم لتأمين تعزيز قدراته بما يتناسب مع بسط سيطرته في الجنوب والحفاظ على كامل السيادة اللبنانية.