المصدر: نداء الوطن
الكاتب: غاييل بطيش
السبت 9 آب 2025 07:24:51
تبقى الكهرباء في لبنان عنوانًا دائمًا لأزمة مزمنة. من الانقطاع، إلى الاعتماد على مصدر وحيد للفيول، ومن غياب التخطيط إلى غلاء البدائل، يدور اللبناني في دوّامة لا تنتهي من الانتظار والحلول الموقتة.
ورغم مؤشرات خجولة لتحسّن محدود، يبقى الخوف قائمًا من العودة إلى العتمة في أيّ لحظة، فهل سنشهد فعلًا انفراجة أم سنعود إلى دائرة الانقطاعات؟ وهل يمكن للطاقة الشمسية أن تكون الحلّ الحقيقيّ الذي ينقذ لبنان من ظلام مستدام؟
تؤكّد الخبيرة في شؤون الطاقة، كريستينا أبي حيدر، لـ "نداء الوطن"، أنّ لبنان لا يزال يعتمد حتى اليوم على مصدر وحيد للفيول، وهو الفيول العراقي، معتبرة أنّ هذا الواقع يُشكّل تهديدًا للاستقرار الطاقويّ، خصوصًا أنّ أيّ تأخير في الشحنات أو إخلال بالدفع قد يعيد البلاد إلى العتمة. علمًا أنّ هناك وعودًا من الجزائر ومن غيرها لتزويد لبنان بالفيول.
أضافت: "رغم أننا بدأنا نلمس تحسّنًا في واقع الكهرباء، إلّا أنّ مصدر الفيول الواحد، هو أمر مقلق. اليوم، وللمرة الأولى منذ سنوات، نرى وزير الطاقة الحالي يضع القطاع على السكة الصحيحة من خلال تطبيق القوانين، وهذا تطوّر إيجابيّ، ولكنه يتطلّب وقتًا قبل أن نرى نتائجه على أرض الواقع، سواء من خلال زيادة ساعات التغذية أو خفض فاتورة الكهرباء".
وأشارت أبي حيدر إلى أنّ هناك سعيًا حاليًا من قبل وزارة الطاقة والحكومة اللبنانية نحو تنويع مصادر الإنتاج، وعدم الاعتماد فقط على الفيول، خصوصًا أن لبنان يواجه التزامات مالية تجاه العراق لم تُسدّد بعد، ما يضع علامات استفهام حول استمرارية هذا الاتفاق، "كل هذه التحدّيات بحاجة إلى حلول جذرية لتفادي العودة إلى العتمة"، وفق قولها.
وحول تأثير تحسّن التغذية الكهربائية على سوق أنظمة الطاقة الشمسية، أوضحت أنّ الطلب على هذه الأنظمة كان في الأساس نتيجة لأزمة خانقة، بدأت عام 2019 مع الانهيار المالي، وتفاقمت بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020، حين لم تعد الدولة قادرة على تأمين الدولار، وأصبحت المولّدات تقنّن الكهرباء بشكل قاسٍ، ما دفع المواطنين للجوء إلى الطاقة الشمسية كحلّ فردي مكلف آنذاك.
وتابعت: "شهدنا طفرة في الطلب على أنظمة الطاقة الشمسية خلال 2020-2021، ولكن مع التحسّن في التغذية الكهربائية، انخفض هذا الطلب بشكل ملحوظ، بعدما تحقق نوع من الاكتفاء الذاتي لدى من ركّبوا هذه الأنظمة. في الواقع، هذا التحوّل لم يكن نتيجة استراتيجية وطنية بل بسبب غياب الدولة عن دورها، ما اضطرّ المواطن للبحث عن حلول بديلة بنفسه".
ولفتت أبي حيدر إلى أن التحوّل نحو الطاقة الشمسية لم يكن انتقالًا مخططًا نحو طاقة مستدامة، بل كان خيارًا طارئًا فرضته الأزمة. وقالت: "صدر في عام 2023 قانون الطاقة المتجدّدة الموزّعة، إلّا أن هذا القانون لم يُطبق حتى اليوم لأنه مرتبط بتشكيل الهيئة الناظمة، والتي لم تُعيّن بعد. والوزير الحالي يعمل على آلية التعيين، وفي حال تطبيق هذا القانون، سيحدث نقلة نوعية في سوق الطاقة الشمسية، من خلال تمكين المبادرات المجتمعية التي يمكنها تنظيم تركيب مزارع الطاقة الشمسية وتوزيعها ما يحدّ من الحلول الفردية التي تكلف كثيرًا وتشوّه وتسبّب الإشكالات في البناء الواحد".
ختمت أبي حيدر حديثها بالإشارة إلى أنّ شركات تركيب وصيانة الطاقة الشمسية تأثرت سلبًا بسبب انخفاض الطلب، بعد أن شهدت ازدهارًا غير مسبوق في السنوات السابقة. ولكنها شدّدت على أهمية الطاقة المتجدّدة، قائلة: "من يستطيع اليوم تركيب نظام شمسي، فليفعل، لأنها طاقة مستدامة وتساهم في خفض الفاتورة الفردية والفاتورة النفطية للدولة اللبنانية خصوصًا عند تطبيق قانون الطاقة المتجدّدة الموزعة. والأهم أن يتمّ التركيب عبر مختصين وبأنظمة صحيحة".