خمس مناطق عسكرية لـ "الحزب" للتفكيك... وآخر الدواء القوّة

اتخذ مجلس الوزراء القرار التاريخي. وبات سلاح «حزب اللّه» بلا غطاء داخلي بعدما فقد شرعيّته. ومهما تعالت أصوات «الحزب» ومحاولات إيران إسناده، فالخيارات ضيّقة ولا يمكنه الذهاب في المواجهة إلى النهاية.

أحداث كثيرة بدّلت موازين القوى الداخلية. ولم يعد «حزب اللّه» المتحكّم الوحيد باللعبة الداخلية. حرب «الإسناد» واغتيال السيد حسن نصرالله وسقوط سوريا الأسد، عوامل جعلت من «الحزب» قوّة غير قادرة على الاحتفاظ بقدراتها وفرض شروطها ونفوذها.

ينتظر مجلس الوزراء خطة الجيش اللبناني قبل نهاية الشهر الحالي لمناقشتها وإقرارها. ويعود إعطاء هذه المهمة من قبل الحكومة للجيش إلى عوامل عدّة أبرزها أنّ قرارًا كهذا يحتاج إلى شقّ عسكريّ تقني، فمجلس الوزراء يمنح الغطاء السياسي، لكنّ التنفيذ على الأرض يضطلع به الجيش والأجهزة الأمنية. العامل الثاني هو الثقة الداخلية بالمؤسسة العسكرية، فرغم التباينات والخلافات الداخلية يبقى الجيش المؤسسة الوحيدة التي تحظى بالإجماع، والمواجهة معها مكلفة، ويدفع فاتورة دم غالية وآخرها في زبقين. أمّا العامل الثالث والأساسي فهو ثقة الولايات المتحدة الأميركية والدول الفاعلة بالجيش، ويترجم ذلك من خلال الاستمرار بتقديم الدعم له والرهان على دوره في المستقبل.

تنكبّ قيادة الجيش على إعداد الخطط بما ينسجم مع حجم المرحلة والرهان الداخلي على الجيش كقوّة تعيد السيادة وتبني الدولة. وإذا كانت التفاصيل العسكرية هي ملك القيادة ولا تبوح بها، إلّا أنّ التعامل مع هذا الموضوع يتطلّب حكمة ودراية، فعند التنفيذ يختلف التصرّف على الأرض.

ليس سهلًا التعامل مع ملف مثل سلاح «حزب اللّه»، فهناك كرة نار رميت بين أيدي الجيش، لكن الذي يخفض منسوب المخاطر هو منح الغطاء السياسي للجيش للتصرّف، فما كان يعرقل عمل الجيش منذ عام 1967، تاريخ انطلاق العمل الفدائي المسلّح في لبنان، هو غياب مثل هذا القرار وسط انقسام السلطة السياسية، وبوجود قرار كهذا مغطى داخليًا وعربيًا وأميركيًا ودوليًا، يستطيع الجيش الضرب بيد من حديد خصوصًا أن الشعب اللبناني يريد رؤية دولة واحدة موحّدة وسلاح شرعي يحكم، ويحلم بالانتهاء من حكم الميليشيات والحروب التي تسببها خدمة للمصالح الخارجية.

ويمكن تقسيم الخريطة حيث سيتمّ التعامل مع بنية «حزب اللّه» إلى خمس مناطق، كلّ واحدة لديها خصوصيّتها.

المنطقة الأولى هي جنوب الليطاني، وهذه المنطقة تخضع للقرار 1701، وباشر الجيش اللبناني بعد توقيع اتفاق الهدنة الانتشار والقضاء على ما تبقّى من ذخائر ودفع يوم السبت فاتورة غالية حيث سقط له 6 شهداء. وعلى الرغم من أهميّتها، إلّا أنها تعتبر المنطقة الأسهل تعاملًا لأن الجيش أنجز نحو 80 بالمئة من مهمته فيها.

وتشكّل منطقة شمال الليطاني، المنطقة الثانية التي يجب التعامل معها، فالعمل العسكري لـ «حزب اللّه» في تلك المنطقة قد يفتح باب الحرب مع إسرائيل مجددًا، لذلك على الدولة بسط سلطتها بسرعة على تلك المنطقة.

وتعتبر منطقة البقاع استراتيجية، وهناك تقارير تدلّ على وجود صواريخ بعيدة المدى ومعامل لتصنيع الأسلحة والمسيّرات فيها، لذلك تشكّل سيطرة الدولة على هذه المنطقة مطلبًا أساسيًا للمجتمع الدولي.

ولا يمكن إغفال الضاحية الجنوبية التي تشكّل المنطقة الرابعة حيث خزّن «حزب اللّه» الأسلحة بين المدنيين، لذلك فرض السلطة داخلها مهم للمدنيين قبل غيرهم، في حين حاول «حزب اللّه» توسيع نشاطاته في كلّ لبنان، فعدا عن جنوب الليطاني وشماله والبقاع والضاحية هناك منطقة خامسة تشمل بلدات ومراكز لـ «الحزب» في كل لبنان ويجب تفكيكها.

سيأتي الجيش بخطته إلى مجلس الوزراء، وسيقرّ المجلس هذه الخطة، لكنّ هناك رهانًا عند رئاسة الجمهورية والحكومة بأن يسمع «حزب اللّه» صوت العقل ويسلّم سلاحه لأنّ القرار قد اتخذ، وبذلك يتمّ تجنّب الصدام بين «الحزب» والجيش، خصوصًا أن أحدًا لا يرغب بحصول أمر كهذا، وبالتالي تؤكّد السلطة السياسية أن آخر الدواء هو القوّة، في حين أن سير «الحزب» وفق الدستور والقرارات الحكومية سيجنّب البلاد الحروب والصدامات الداخلية.