خيار التفاوض يتراجع بدفع ايراني.. المنطقة نحو التصعيد مجددا!

لم يكد الغزو الروسي لاوكرانيا يبدأ، حتى شعر العالم بمفاعيله السلبية على الصعد كافة، واختلطت الاوراق السياسية والمالية والاقتصادية والاستراتيجية، رأسا على عقب، دفعة واحدة. ففيما حلّقت اسعار المحروقات ودخلت عشرات الدول في ازمة نفط وقمح، تدهورت الاوضاع في فيينا متأثرة بالحرب في القارة العجوز.

فرغم بلوغ المفاوضات مراحل حاسمة، كشف الاتحاد الأوروبي الذي يتولى تنسيق المباحثات الهادفة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني الجمعة الماضي عن الحاجة إلى "توقف" مفاوضات فيينا. واذ أكدت بروكسل وجود "عوامل خارجية" تدفع نحو "وقفة'' للمفاوضات، تشرح مصادر دبلوماسية لـ"المركزية" ان هذا التعثّر سببه المباشر، المطالب الروسية بإعفاء موسكو من أي عقوبات غربية مستقبلية على تعاملاتها مع إيران، اي انه، وبمعنى اوضح، تطلب روسيا أن تتضمن أي عودة إلى الاتفاق، ضمانات بإعفاء أي تعاون روسي مستقبلي مع إيران من عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

على وقع هذا الانهيار للمفاوضات، الذي لا يمكن التكهن في مدّته، تضيف المصادر، عادت المنطقة الى الاشتعال، خاصة في جبهات الكباش الايراني – الاميركي المباشر او عبر الوكلاء. في هذا الاطار، اعلنت وزارة الداخلية في إقليم كردستان العراق أن هجوما بـ12 صاروخا باليستيا بعيد المدى، نُفّذ من خارج حدود البلاد، استهدف المقر الجديد للقنصلية الأميركية في أربيل والمناطق المدنية السكنية القريبة من مبنى قناة كردستان 24 ومحيطها. سريعا، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه شن ضربات بـ"صواريخ قوية ودقيقة" على "المركز الاستراتيجي للتآمر وجرائم الصهاينة" في أربيل. وشدد الحرس الثوري في بيان، على أن الهجوم نفذ عقب "الجرائم الأخيرة" لإسرائيل وإعلان طهران السابق عن “عدم ترك جرائم وشرور هذا النظام المشؤوم من دون رد". وحذر البيان إسرائيل من أن "تكرار أي جريمة أو سوء تصرف سيواجه بردود فعل قاسية وحاسمة ومدمرة". وطمأن الحرس الثوري المواطنين الإيرانيين بأن "أمن وسلام الوطن الإسلامي هو الخط الأحمر للقوات المسلحة للجمهورية الإسلامية الايرانية"، متعهدا بعدم السماح لأحد بتهديده.

في الموازاة، أفاد موقع "نورنيوز" التابع لأعلى جهاز أمني في إيران امس، بأن طهران علقت الجولة الخامسة من المحادثات مع المملكة العربية السعودية. وقال الموقع من دون إبداء أسباب: إيران علقت من جانب واحد المحادثات مع السعودية، مشيرا إلى أنه لم يتحدد موعد لعقد جولة جديدة من المحادثات. وتأتي هذه المعطيات بعد ان كان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قال السبت إن بلاده ستستضيف جولة جديدة من المحادثات السعودية-الإيرانية الأربعاء. اما معلومات اخرى، فعزت التعليق المفترض الى اعدام المملكة منذ ايام عددا من المواطنين الشيعة.

طبول الحرب عادت اذا لتُقرع قويّة في الاقليم، غداة سقوط فيينا، تتابع المصادر، والوضع التصعيديّ هذا سيستمر على الارجح، بدفع ايراني، الى ان يتبيّن مسار المعركة التي تخوضها روسيا على اوكرانيا. فطهران تشعر اليوم بفائض قوة وتتطلّع الى تحسين شروطها ومواقعها في المنطقة في الوقت الضائع دوليا، حتى تستثمر هذه الاوراق وتفاوض محاوريها من موقع أقوى متى تدق ساعة العودة الى "الطاولة".. ويبقى ان نرى كيف سينعكس هذا القرار الايراني على الساحة اللبنانية، تختم المصادر.