دريان الى السعودية قريبا واشكالية القيادة توسع دائرة الشرخ... هل تنسحب على انتخابات المفتي؟

عقب لقاء أعضاء المجلس النيابي من المسلمين السنة الذي دعا إليه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في 24 حزيران الماضي للبحث في الدور الوطني الذي تلتزمه الدار وتعمل عليه تعزيزاً للوحدة الوطنية والعيش المشترك، كان التشديد على الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية والإلتزام بوثيقة الوفاق الوطني وبالثوابت الوطنية.

وعشية الذكرى الأولى للقاء، يستعيد اللبنانيون وبعض من نواب السنة المعارضة الدور الذي كان يلعبه النواب السنة في المحطات الوطنية وأبرزها انتخاب رئيس للجمهورية ، إلا أن المشهد الذي تجسد داخل قاعة مجلس النواب في جلسة الانتخاب صباح الرابع عشر من حزيران الجاري، يثبت أن هامش الشرخ بين أهل السنة يتوسع نتيجة إشكالية القيادة، عدا عن حال الإنقسام العمودي بين النواب السنّة مما سينعكس بحسب مصادر ديبلوماسية على مواقف المملكة العربية السعودية من أهل السنة في لبنان وتحديدا على مسار انتخابات مفتي الجمهورية اللبنانية المقررة. فهل ينعكس العتب العربي على النواب السنّة الذين وقفوا إلى جانب حزب الله في جلسة انتخاب الرئيس العتيد الأخيرة على العلاقات بين الرياض والسنّة وعلى انتخابات مفتي الجمهورية؟

يشدد رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط على الدور الحقيقي للمسلمين السنة في لبنان"فهم أهل الدولة، ومؤسساتها وحراس وجودها الوطني ؛ وهم جزءٌ لا يتجزأ من الأمة وامتداد لها ؛ وليس لديهم تاريخيا مشروع خارج إطار الدولة اللبنانية اوميليشيا خارجه على الدولة ومؤسساتها . وما يحصل اليوم على الساحة السياسية اللبنانية بحسب قراءته، أن المجلس النيابي المفترض أن يكون حصن الوحدة الوطنية، منقسم على ذاته عمودياً والصراع القائم بين الموالاة الممسكة بمفاصل الدولة بدعم ايراني ؛ وبين المعارضة  المتنوعه على دور لبنان ومستقبل نظامه السياسي ودور هذا اللبنان على الصعيد الوطني والإقليمي". 

وبمعزلٍ عن المكون المسيحي أو المكوِّن الاسلامي السني الغائب أو المغيَّب عن دوره الوطني لن يتمكن الثنائي الشيعي مهما  امتلك من القوة من بناء لبنان على مقاس تطلعاته مهما حاول، يقول القاضي عريمط ويضيف "ان المكون الاسلامي السني الممثّل بالمجلس النيابي هو الآن في مرحلة فقدان التوازن لغياب المرجعية السياسية التي افتقدها والتي لم تستطع  هذه القوى النيابية الممثلة للمسلمين السنة أن يحسموا خيارهم ويُنتجوا قيادة إسلامية وطنية واحده ؛ أو قيادة ثنائية او حتى ثلاثية لتعيد التوازن إلى الدور الإسلامي الوطني الذي جسده تاريخيا المسلمون السنة منذ الشهيد رياض الصلح مرورا بالشهيد رشيد كرامي والرئيس الراحل صائب سلام وليس انتهاء بالرئيس الشهيد رفيق الحريري.

لكن وفي غياب القيادة الزمنية هناك المرجعية الدينية الاسلامية المتمثلة بدار الفتوى بقيادة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان التي كانت ولا زالت تعمل لاستنهاض الدور الإسلامي السني الوطني.

وفي السياق يسترجع القاضي عريمط لقاء النواب المسلمين السنة الذي دعا إليه المفتي دريان  ويقرأ في البيان "الوطني بامتياز" الذي يشدد على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية والإلتزام بوثيقة الطائف. ويضيف"على هؤلاء النواب وخاصة المسلمين السنة منهم أن يطوروا هذا اللقاء الوطني، ويعمِّقوا ثقافة المواطنة وأن لا ينتظروا من دار الفتوى أن تلعب دورا سياسياً تقليديا؛ لأن دور دار الفتوى باستمرار وطني وجامع للبنانيين بامتياز".

وعن الخشية من أن تنعكس المواقف الإقليمية وإشكالية القيادة لدى المسلمين السنة على العلاقه مع السعودية وعلى انتخابات مفتي الجمهورية، يشير  القاضي عريمط إلى أن "الإنتخابات الخاصة بمفتي الجمهورية سابقة لأوانها وليست محط تداول الآن بوجود مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان ودوره الوطني  الحريص على لبنان الشعب والمؤسسات ، مشيراً إلى أن فتح هذا الملف هو جزء من الإساءة لدور المسلمين في لبنان،  وهو غير مطروح، لا بل لا يمكن طرحه في الوقت الحاضر لأنه سابق لأوانه؛ ولدار الفتوى مجلس شرعي إسلامي أعلى يضم رؤساء الحكومات السابقين ورئيس الحكومة الحالي وهو المخول التكلم بمثل هذا الملف او غيره ".

بالتوازي ينفي القاضي عريمط وجود أي توتر في العلاقة بين الدولة اللبنانية والمملكة  العربية السعودية ؛إنما هناك فئة من اللبنانيين التي خرجت عن الأصول العربية وأساءت بأقوالها وأفعالها للأشقاء العرب خاصة السعودية ومجلس التعاون الخليجي؛ وبمنأى عن الدولة ومؤسساتها وعن باقي شرائح المجتمع اللبناني، وفي مقدمهم المسلمون من أهل السنة والجماعة".

وبهدف إعطاء الدليل على متانة العلاقة بين المفتي والمملكة العربية السعودية يكشف القاضي عريمط لـ"المركزية" عن زيارة سيقوم بها المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان إلى السعودية في الأيام القليلة المقبلة. ولا يمكن لأي اجتهاد لهذا النائب أو ذاك أن يعكر العلاقة بين المسلمين واللبنانيين جميعا  والاشقاء العرب؛ خصوصا السعودية ودول الخليج العربي الحريصة على كل مكونات الشعب اللبناني".

ما  يخشاه القاضي عريمط هو توسع دائرة المسلمين السنة او نوابهم  الذين يدورون في فلك الثنائي الشيعي المرتبط بشكل ما بالنفوذ الايراني ؛أما البقية فتتوزع بين فئة تدور في فلك المعارضة وفئة لم تحسم خيارها بعد بين موالاة أو معارضة، وهذا ناتج عن عدم وجود قيادة أو مرجعية سياسية واعدة وواعية على رغم الجهود التي يبذلها المفتي سراً وعلانية مع كل مكونات  أهل السنة. ويدعوهم باستمرار لأن يطوروا عملهم ويجتمعوا وراء قيادة واعية وقادرة أن تعيد لبنان إلى دوره كما فعل قادة المسلمين السنة تاريخيا"، يختم القاضي عريمط.