دريان يقطع دابر التباين بين عثمان ومولوي... "المدير" بعد "الوزير" في الدار غدا...

في البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لدار الفتوى بعد لقاء وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان صباحا في دار الفتوى رسالة واضحة مفادها ، ضرورة ترميم العلاقة بين مولوي ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وحرصه على أن يمارس كل منهما صلاحياته، مع التشديد على عدم تهميش المدير العام، وفي الوقت نفسه ألا يكون هناك تجاهل للوزير.

أما المولوي الذي شدد أمام المفتي على عدم وجود خلاف شخصي مع عثمان كما بينه وبين قيادات الأجهزة الأمنية المرتبطة به ، فإنه في المقابل بعث برسالة يمكن أن يفهم منها أن لا تراجع عن محاسبة الفاسدين وذلك في قوله" نتابع عملنا في وزارة الداخلية وفي كل المديريات المتعلقة بالوزارة للقيام بعملنا ولن نقبل بأن يعود شخص مرتكب أو ثبتت عليه ارتكابات بالفساد إلى الإدارة اللبنانية".

لقاء المفتي اليوم مع مولوي سيستكمل غدا بلقاء مع اللواء عثمان وما سيسمعه الأخير لن يخرج عن طور "تأكيد المفتي على مقام ودور مدير عام الأمن الداخلي كحرصه على مقام وزير الداخلية وباقي المؤسسات الأمنية" تقول مصادر مطلعة ومتابعة للملف لـ"المركزية". وتضيف أن "التباين بين السلطة السياسية والأجهزة الأمنية لا يخدم لبنان وسيادته إنما يخدم أعداءه. وأي تفريط بدور هذه الأجهزة يخدم المشروع المعادي للبنان.وإذا كان هناك من حساب فليحاسب الجميع".

في 16 شباط 2022، رُفعت دعوى على اللواء عثمان بتهمة التمرّد وعرقلة التحقيق في قضية حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة. إلا أن مولوي رفض حينها، إعطاء الإذن بملاحقته. فما الذي تبدل في السياسة قبل القانون حتى أعطى مولوي الإذن بملاحقة المدير العام لقوى الأمن الداخلي في 15 أيلول الجاري أمام القضاءين العدلي والعسكري بشبهات فساد؟ ما خلفيات هذه السابقة التي لم يشهد مثلها تاريخ المؤسسة ؟ وهل تكون مرتبطة بالصراع الشخصي بين الرجلين، على خلفية التشكيلات الأمنية والتعيينات المرتبطة برؤساء وحدات في مؤسسة قوى الأمن الداخلي من دون أن يتشاور مع وزير الداخلية، وهو ما ساهم بزيادة حدّة الخلاف حتى أن انباء تردّدت أكثر من مرة عن نية مولوي إقالة عثمان؟ أم باختصار القصة ليست إلا فصلا من فصول إنهاء مرحلة الحريرية السياسية؟

تؤكد المصادر لـ"المركزية" أن "هناك استياء كبيرا لدى المرجعية الإسلامية من محاولات استهداف المدير العام لقوى الأمن الداخلي لأن من غير المرغوب في ظل هذه الظروف أن تحصل أمور مماثلة. وإذا أرادت السلطة السياسية أن تحاسب فعليها أن تحاسب نفسها قبل باقي المؤسسات خصوصا أن هذه السلطة أوصلت البلد إلى ما هي فيه". وتضيف" في ظل انهيار كل مقومات الدولة لم يعد هناك إلا المؤسسات الأمنية وفي مقدمها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وباقي الأجهزة الأمنية،  والتعرض لها في هذه الظروف الدقيقة هو تعرضٌ لأمن المنطقة الذي هو من أمن لبنان، وإذا أردنا أن نحاسب المدير العام للأمن الداخلي فليكن، لكن ليس قبل محاسبة جميع الأجهزة الأمنية والقضائية وإلا يعتبر ذلك استهدافا لطرف معين هو بالأساس مستهدف، أو مسعى لتقديم أوراق اعتماد لبعض القوى المحلية والإقليمية. وفي هذه الحال سيكون ذلك على حساب أمن الوطن والمواطن وهذا غير جائز".

الحملة على مدير عام الأمن الداخلي سبقتها حملة ظالمة مماثلة على قائد الجيش العماد جوزف عون، "وكأن هناك إيحاء إقليميا أو دوليا لضرب آخر ما تبقى من مقومات الدولة" بحسب المصادر. وتعقيبا على "الإيحاءات" بأن الحملة على عثمان تهدف إلى ضرب الحريرية السياسية، تقول" فليقدموا للبنان ما قدمته الحريرية السياسية منذ العام 1990. الحريرية السياسية ليس لديها مشروع خاص. مشروعها كان قيام الدولة والمؤسسات وضربها يعني ضربهما".

"القوى الأمنية اللبنانية لها دور مهم ومميز في المحافظة على أمن الوطن والمواطن، وهذا يستدعي مزيدا من التعاون والتكامل بين كافة الأجهزة الأمنية،  وفي مقدمتها الجيش وقوى الأمن الداخلي لاسيما وان الأخيرة وقيادتها تقومان بدور مهم على الصعيد الداخلي خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان واللبنانيون حتى بدا أن القوى الأمنية ما زالت وحدها صامدة ومتماسكة في خدمة لبنان الدولة والمؤسسات، وينبغي على الجميع مساندتها قيادة وضباط وأفرادا، بتوجيه ومتابعة من السلطة السياسية المرتبطة بها التي عليها أن تحفظ وتدعم وتحتضن هذه المؤسسات بقياداتها المشهود لها بالصبر والعمل الدؤوب والوطنية في كل المراحل والتحديات التي تواجهها بين الحين والأخر".

هذا ما صدر عن المكتب الإعلامي لدار الفتوى عقب اللقاء الذي جمع المفتي دريان ومولوي . وفي خلاصته تأكيد على إرادة المفتي إنهاء هذا التباين بين مولوي وعثمان وبأنه ينظر إلى الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وباقي الأجهزة بمنظار واحد ولا يجوز المس بأي جهاز من الأجهزة الأمنية لأنها آخر المقومات للدولة السيدة الحرة المستقلة تختم المصادر.

هل يطوي لقاء المفتي اللواء عثمان غدا الثلثاء صفحة القلوب المليانة أم تفتح صفحة جديدة على نار تحت الرماد؟ غدا لناظره أقرب مما يتصوره البعض.