دياب هاجم الحريرية بعد 24 ساعة من استقباله السفير السوري... فماذا بَعْد؟

حتى ولو كان يشعر بأنه بات "محشوراً" في أضيق زاوية، إلا أنه ما كان يجب على رئيس الحكومة حسان دياب أن ينزلق الى الكلام الذي قاله أمس، خلال جلسة مجلس الوزراء، عن "الأوركسترا التي تحرّض في الخارج ضدّ لبنان لمنع الدول الشقيقة والصديقة من مساعدته مالياً ومنعه من الإنهيار"، وعن "جهات، المهمّ لديها أن تفشل الحكومة، وأن لا تنكشف عوراتهم والموبقات التي ارتكبوها، وأدت الى الأوضاع الخطيرة التي يعيشها البلد اليوم".

فهو يُدرك جيّداً أن كلامه سيتمّ تلقّفه في "بيت الوسط" قبل غيره، وما كان يجب عليه الرّسوب في امتحان الهدوء، لا سيّما أنه (الرسوب) حصل في الوقت القاتل، انطلاقاً من مجموعة نقاط، هي:

* أن كلامه (دياب) أتى بعد 24 ساعة من استقباله السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، الذي تحدّث عن أمور أوحت بتطابُق في الرؤية بين رئيس حكومة لبنان وسوريا، حول بعض النّقاط.

* أن كلامه أكد أن لا تقبُّل عربياً له (دياب) وللعمل معه، رغم "الإنفتاح" القطري على حكومته، الذي لم ينضج بَعْد، والذي لا يخرج من إطار الفلك الأميركي العام، مهما بدا لفريق محور "الممانعة" غير ذلك.

* أن كلامه أكّد فشل المحادثات اللبنانية مع وفد "صندوق النّقد الدولي"، وهو ما أدى الى العصبيّة بسبب "الأبواب الموصدة"، التي يبدو أن لا أمل بفتحها، إلا بمتطلّبات مؤلمة لا يمون دياب على مفاصلها الكاملة، كافّة.

* أن كلامه أكد فشل إعطاء حكومته صفة "التكنوقراط". فمهما اشتدّت الحروب السياسية عليها، لا يجب أن يصدر لا عن وزير في "مواجهة التحديات"، ولا عن رئيسها، أي كلام سياسي، ولا حتى من باب دفاعي. فمن يُحارب الحكومة سيثبت في حربه عليها، وربما سيزيد منها، حتى ولو تمّ فضحه علانية. والأمر الأكثر إفادة في تلك الحالة، هو السعي الى تأمين المناعة السياسية للعمل الإنقاذي، بأوسع مروحة ممكنة، وبصبر كبير مع كلام قليل جداً، بمعيّة الإستعانة ببعض الصداقات الإقليمية والدولية لتحقيق ذلك. 

شكوك...

أشار عضو كتلة "المستقبل" النائب محمد الحجار الى أن "حكومة الرئيس حسان دياب، ومن خلال سياسة التردّد في اتّخاذ القرارات الأساسية، تزيد شكوك الجميع حول قدرتها على مواجهة الأزمة التي نحن فيها".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "ما يثبّت الشكوك ويزيدها، هو العودة الى طرُق التعبير التي كانت سائدة خلال مرحلة الوصاية السورية في لبنان، كما من خلال مواقف الشيخ نعيم قاسم الأخيرة، التي تتحدّث عمّا هو مسموح وما هو ممنوع".

وقال:"نرى من خلال كلام الرئيس دياب، ممارسة سياسية تقوم على الهروب الى الأمام، وعلى محاولة البحث عن ذرائع لتبرير الفشل، إذ إن الفريق الذي شكّل حكومته يجد نفسه أنه ليس بمستوى الحِمْل الذي جعله لنفسه، لا سيّما أنه لم يتمكّن من إنجاز أي شيء، الى اليوم". 

رسم حدود؟

ورأى الحجار أن "موقف الشيخ نعيم قاسم يُظهر وكأنه تمّ رسم حدود لرئيس الحكومة يُمنَع عليه تجاوزها بالسياسة، من خلال تبيان ما يتوجّب عليه أن يقوم به، وما لا يجب أن يفعله. فيما هو (دياب) ومن خلال كلامه السياسي أمس، يُحاول إظهار أن لا دخل له بالسياسة، وأنه يريد أن يعمل تقنياً، وأنه لا يريد أن يكون زعيماً. ولكن كل ذلك، يُظهر حال الحكومة، ومن يديرها وبأي شكل، مع الأسف".

وتمنى أن "ينجح هذا الفريق، سواء في تعاطيه مع "صندوق النقد الدولي"، وسواء مع المجتمع الدولي عموماً، وذلك كرمى للبنان والشعب اللبناني، وليس من أجلهم هُم".

وأضاف:"رموا الكرة في ملاعب الآخرين عندما تحدثوا عن أنه كان يجب أن تُعمَل خطة إنقاذية منذ ثلاثة أشهر. ولكننا نجيبهم بأنهم باتوا في السلطة منذ أكثر من شهر، فلماذا لم يقوموا بها الى الأن؟ ولماذا يستمرون في إظهار أن لا شيء لديهم ليعملوا من خلاله مع "صندوق النقد الدولي"، بعد الإنتهاء من مراحل المشورة التقنية؟". 

هروب!

وتابع الحجار:"قال الشيخ نعيم قاسم بكلامه أمس ما هو مسموح، وما هو ممنوع. ولكن هل هو قادر على تأمين الطُرُق البديلة؟ وما هي؟ هل هي التعامُل مع الإيرانيين أو الصينيين أو الروس؟ كيف؟ ومتى؟ وهل هذا ممكن؟ فيما البلد بحاجة الى عمل سريع، وفق خطط جاهزة".

وكشف أن "البعض يحاول أن يهرب من التزامات قدّمها لبنان الى المجتمع الدولي، وتفيده من أجل إصلاح أوضاعه المالية والإقتصادية، وذلك كما كان يحصل في السابق. ولكن هذا غير ممكن".

وختم:"المشكلة المتعلّقة بإقفال أبواب العرب في وجه حكومة الرئيس دياب، تتعلّق بطبيعة تكوين حكومته، وبرُعاتها. فالعرب لطالما كانوا معنا، ولكن رعاة حكومة دياب يهاجمونهم، ويشتمونهم، ويحاولون ضرب أنظمتهم. وهو ما يعني أن رعاة الحكومة يخرّبون علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة، وهم بالتالي لا يحتاجون الى من يحاربهم".