رعد يُبشّر برئاسة أبدية لبرّي و"السلاح الخالد"... والكتائب: لبنان الحيّ لا يحكمه موتى السياسة!

في زمن تتداخل فيه الجنازات السياسية مع الخطابات النيابية، خرج النائب محمد رعد، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة"، ليعلن جهارًا نهارًا أن نبيه برّي، أطال الله في عمره، باقٍ في رئاسة مجلس النواب.. حتى بعد وفاته! في مشهدٍ بدا وكأنه فصل من رواية عبثية، أو عرض مسرحي بعنوان: "الرئاسة للأبد، ولو على جثمان الدولة".

رعد، الذي يفتتح أسبوعه السياسي بـ"قدّاس" على شرف السلاح، تجاوز حدود الدستور والمنطق، عندما وصف مجرد الدعوة لحصر السلاح بيد الدولة بـ"الانتحار". هذا الموقف لم يفاجئ أحدًا ممن يعرفون ذهنية الحزب ومشروعه، لكنه شكل لحظة نادرة من الصراحة، نعم، بالنسبة لحزب الله، السلاح هو الوطن.. وكل ما عداه تفاصيل.

وفيما كانت كلماته تتسلل من بين سطور "الميثاقية المفخخة"، كان الشارع يشهد استعراضًا ميدانيًّا لـ"الثنائي الشيعي": دراجات نارية، وجوه مُقنّعة، وقطع طرقات منظم، في رد واضح على قرار حكومي طال انتظاره، ينص ببساطة على ما يُفترض أن يكون بديهيًا في أي دولة، مفاده حصرية السلاح بيد الشرعية اللبنانية.

مصدر نيابي سيادي صرح لموقع kataeb.org أنّ هذا التحرك ليس سوى محاولة مكشوفة لفرض معادلة السلاح بالقوة، وتحدٍّ سافر لهيبة الدولة وكرامة الجيش، مشيرًا إلى أن صمت حزب الله أمام هذه الفوضى، فلم يكن إلا تزكية ضمنية لها، ودعمًا ميدانيًا بصيغة "شاهد ما شفش حاجة".

والأدهى يتابع المصدر، أن رعد لم يكتفِ بتقديس السلاح، بل ذهب أبعد من ذلك، حين بشّر اللبنانيين - من موقعه في الدولة التي لا يعترف بها - بأن نبيه برّي سيعود رئيسًا للمجلس النيابي، حتى لو غاب عن هذه الحياة، وكأنّ الشعب لا يستحق حتى وهم التغيير!

وأمام هذا المشهد الكئيب، تبرز صورة مشرقة من الضفة المقابلة، زيارة رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميّل، على رأس كتلة الكتائب النيابية، إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون. كانت زيارة تحمل في طياتها رسالة واضحة لا لبس فيها، أن لبنان لا يُبنى بالتحنيط، بل بالحياة. لا بالسلاح، بل بالمؤسسات،  بقيادات حيّة تؤمن بدولة حديثة ذات سيادة فعلية.

الكتائب اليوم، بما تمثله من ثبات سيادي وعقيدة دستورية واضحة، تؤكد أن مشروع الدولة ما زال ممكنًا، وأن لبنان لا يزال قادرًا على الخروج من أسر الدويلة، شرط أن يتوفّر الحد الأدنى من الإرادة الوطنية.

إذًا، إنها معركة وجود بين نهجين:

– نهج يريد تكريس الخلود السياسي، حتى لو تعيّن تعيين رؤساء بعد وفاتهم!

– ونهج يعمل على إعادة الروح إلى المؤسسات، وكسر حلقة الاستعصاء التي جثمت على صدور اللبنانيين لعقود.

هكذا، وفي زمن ترويج "الرئاسة الأبدية" و"السلاح الخالد"، تعلو صرخة الكتائب باسم كل من لا صوت له: الدولة أولاً، ولبنان الحيّ لا يحكمه موتى السياسة!