زراعة الفِطر في عكّار: مزرعتان فقط صمدتا

كتب مايز عبيد في نداء الوطن: 

قبل نحو 8 سنوات كانت زراعة الفطر في عكّار في أوج عطائها وكان مزارعون عدّة يفكّرون في دخول معتركها وإنشاء المَزارع الخاصة بها. إذ تعدُّ زراعة الفطر من الزراعات الحديثة التي دخلت عكار نوعاً ما، وتلقّى المزارعون مساعدات من الجهات الأجنبية المانحة من أجل تعلّم تقنياتها من جهة وشراء المعدّات وتأمين التكاليف التي تحتاجها الزراعة من جهة أخرى. قبل الأزمة تجاوز عدد المزارعين الذين يتقنونها الـ15 مُزارعاً ومزرعة توزّعوا على عدّة مناطق لا سيّما في الدريب الأوسط، وبدأوا بإنتاج كمّيات مهمّة من الفِطر كان يتمّ تصريفها في السوق المحلية وأسواق طرابلس وبيروت، لا سّيما في مطاعم العاصمة، مع أنّ هذه الزراعة تحتاج إلى بعض المواد الأولية لا سيّما البذور التي تأتي من الخارج.

سنوات قليلة مرّت على المزارعين وتأقلموا مع هذه الزراعة، فارتاحوا لها وبدأ الزرع ينجح ويعطي نتائج مميزة، وصار الفطر العكّاري يباع في معظم الأسواق اللبنانية لا سيّما في بيروت وجزء منه كان يتمّ تصديره إلى الخارج. ولكن حلّت الأزمة الإقتصادية ومعها الانهيار وأدّى ذلك إلى ارتفاع أسعار المازوت بشكل كبير. ولأنّ هذه المَزارع تحتاج إلى الكهرباء 24/24 لتشغيل المكيّفات وتأمين درجة الحرارة والرطوبة المطلوبة، لم يعد المزارعون بمعظمهم قادرين على التشغيل واضطرّوا إلى الإقفال والتوقّف ريثما تتغيّر الظروف الحالية.

لم يعد هناك في كل عكّار حالياً سوى مزرعتين تعملان بالفطر ويتحدّث صاحباها عن العديد من العوائق التي تواجه الإستمرار وفي طليعتها تأمين الكهرباء. وأكّد سعيد نعيم أنه «وبفضل المستثمرين من بيروت، فإنّ مشروعنا لزراعة الفطر في عكار لا يزال صامداً حتى اليوم ويحققّ تقدّماً ملحوظاً»، وأضاف: «حتى يعطي الفطر المردود الجيّد ويحقّق الأرباح المتوقّعة يجب أن يكون الإنتاج متواصلاً وليس بشكل متقطّع، وإنتاجنا لهذا الموسم سيكون في الأسواق في غضون شهر».

أما المزارعون الذين تركوا عملية إنبات الفطر فهم يتمنّون أن تتغيّر الظروف ليعودوا إليها مرة أخرى. في هذا الصدد يشير شهير محمد (كان يملك مزرعة للفطر) إلى أنه أنتج الفطر في مزرعته لخمس سنوات متتالية إلى «أن وصلنا إلى مرحلة لم يعد هناك من يأتي ببذور الفطر من الخارج الأمر الذي أدّى إلى توقّف العديد من المزارعين وأنا منهم عن متابعة الزراعة. وبما أن صلاحية البذور لا تتعدّى الشهرين وأمام المشاكل التي واجهتنا وواجهت المستوردين لا سيّما لجهة تأمين الدولار أصبحت الأمور بحاجة إلى وقت أطول، أضف إليها مشاكل المازوت والكهرباء وكلها عوامل ساهمت في التوقّف القسري لعدد من المزارعين ولم يتبقّ إلا اثنان منهم فقط يعملان بهذه الزراعة».

كيف يُزرع الفطر؟

الحرارة المثالية لإنبات الفطر ونموّه، يجب ألّا تقل عن 21 درجة مئوية، ولذلك لا بدّ من تركيب مكيّفات في كل غرفة مع جهاز لتوفير نسبة الرطوبة مئة في المئة. والفِطر هو عبارة عن بكتيريا تتغذّى وتنمو على جدار حبوب القمح أو غيرها. بعد ذلك توضع هذه البذار مع «الكومبوست» داخل أكياس هي بمثابة الأحواض لزراعة الفطر، وتُروى يومياً بكمّية مياه محدّدة. وبعد مرور شهرين على بدء الدورة الزراعية، يبدأ القطاف على نحو يومي، ويستمرّ أربعين يوماً. وبعد انتهاء الموسم يجري تنظيف المكان، ويسحب «الكومبوست» بالكامل، ويرشّ بمواد معقّمة، قبل البدء بدورة زراعية جديدة. ويمكن استخدام مخلّفات مجمل الدورة الزراعية سماداً عضوياً للمزروعات.