زلزال المغرب: أكثر من ألفَي ضحيّة وحداد وطني... "قبل وقت قصير كنّا نلعب معاً"

ارتفعت حصيلة أعنف زلزال ضرب المغرب ليل الجمعة إلى أكثر من ألفي ضحية، وقد أعلنت المملكة حداداً وطنيّاً مدّته ثلاثة أيّام.

أعلنت وزارة الداخليّة ارتفاع عدد الوفيات الضحايا إلى 2012 شخصاً، "نحو العاشرة مساءً (21,00 بتوقيت غرينيتش)". كذلك، ارتفع عدد الجرحى إلى 2059، بينهم 1404 حالاتهم خطرة، وفق الوزارة التي أشارت إلى أنّ السلطات "تُواصل جهودها لإنقاذ الجرحى وإجلائهم والتكفّل بالمصابين وتعبئة كلّ الإمكانات اللازمة".

تتركّز غالبية الوفيات في إقليمَي الحوز (1293) وتارودانت (452) الأكثر تضرّراً جنوبي مراكش.  ويضمّ الإقليمان الكثير من القرى المتناثرة في قلب جبال الأطلس، وهي بمعظمها مناطق يصعب الوصول إليها وغالبية المباني فيها لا تحترم شروط مقاومة الزلازل.

من جانبه، أعلن الديوان الملكي أنّ الملك محمد السادس ترأس مساء السبت اجتماعاً لبحث الوضع في أعقاب الكارثة، تقرّر خلاله "إﻋﻼن ﺣداد وطﻧﻲ ﻟﻣدّة ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم، ﻣﻊ ﺗﻧﻛﯾس اﻷﻋﻼم اﻟوطﻧﯾﺔ". وأشار إلى إقامة صلاة الغائب في كلّ مساجد المملكة ترحّماً على الضحايا.

وذكر بيان الديوان الملكي أنّ "ﺑﻌض اﻟمناطق ﺗﻌذّر اﻟوﺻول إﻟﯾﮭﺎ (...) وﻟم ﯾﺗمّ ﺗﺣدﯾد اﻟوﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋم ﺑﮭﺎ واﻟﺷروع ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻹﻧﻘﺎذ إﻻ عند مطلع نهار" السبت. وأكّد اتخاذ إجراءات عاجلة شملت "ﺗﻌزﯾز اﻟوﺳﺎﺋل وﻓرق اﻟﺑﺣث واﻹﻧﻘﺎذ ﻣن أﺟل ﺗﺳرﯾﻊ ﻋﻣﻠﯾﺔ إﻧﻘﺎذ اﻟﺟرﺣﻰ" و"ﺗزوﯾد اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺿررة ﺑﺎﻟﻣﺎء اﻟﺻﺎﻟﺢ ﻟﻠﺷرب" وكذلك "ﺗوزﯾﻊ ﺣﺻص ﻏذاﺋﯾﺔ وﺧﯾﺎم وأﻏطﯾﺔ".

كما شدّد على مواصلة كل عمليات الإنقاذ على نحو عاجل، بمشاركة عناصر القوات المسلحة.

عرضت قنوات محلية مساء السبت مشاهد جوية لبعض القرى وقد هدمت تماماً، جلها من بيوت طينية، في مرتفعات منطقة الحوز الجبلية. كما أظهرت مشاركة متطوعين من السكان المحليين في عمليات إنقاذ.

واستيقظت المملكة السبت على هول الصدمة والهلع غداة الهزّة التي بلغت قوّتها 7 درجات على مقياس ريختر، حسب ما ذكر المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، مشيراً إلى أنّ مركزها يقع في إقليم الحوز، جنوب غرب مدينة مراكش، المقصد السياحي الكبير.

قرية مدمرة

من بين القرى التي تكاد تكون دُمّرت تماماً، قرية تفغاغت الواقعة على بُعد حوالي 50 كيلومتراً من بؤرة الزلزال، ونحو 60 كيلومتراً جنوب غرب مراكش. ونادرة هي الأبنية التي لا تزال قائمة فوق تراب هذه القرية الجبلية.

وواصل أفراد من القوات المسلّحة الملكيّة البحث لانتشال جثت وسط الأنقاض مساء السبت. وكان سكّان القرية يتوافدون إلى مقبرة لدفن نحو سبعين ضحيّة وسط الصراخ والنحيب، وفق مراسلي وكالة "فرانس برس".

من جهته، أعرب الشيخ عمر بنهنا (72 عاماً) عن صدمته، قائلاً: "توفي ثلاثة من أحفادي (12، 8 و4 أعوام) ووالدتهم. لا يزالون تحت الأنقاض... قبل وقت قصير فقط كنّا نلعب معاً". وأضاف "بتنا ليل الأمس في العراء من دون ماء ومن دون طعام".

لا تزال الشابة نزهة اوتزيوغ عاجزة عن استرجاع توازنها جراء هول الكارثة. وقالت: "لم يمت أحد من عائلتي لكنّ جيرانا مقرّبين رحلوا. كنّا قريبين جدّاً من بعضنا. ما زلت تحت الصمدة. منذ أمس لا أقوى على الكلام ولا المشي ولا حتى أن أظلّ واقفة".

في الطريق نحو هذه القرية، كانت الأجواء الجنائزية نفسها تخيّم على قرية مولاي إبراهيم، حيث واصل سكّان دفن ضحايا الكارثة، بينما كانت فرق الإنقاذ تحاول البحث عن ناجين تحت الأنقاض، حسب ما شاهد فريق "فرانس برس" مساء السبت.

وهذا أقوى زلزال يضرب المغرب. لكنّه وُصِف أيضا بـ"الاسثتنائيّ" نظراً إلى بؤرته الواقعة في قلب جبال الأطلس الكبير.

في 24 شباط 2004، ضرب زلزال بلغت قوته 6,4 درجات على مقياس ريختر محافظة الحسيمة على بعد 400 كيلومتر شمال شرق الرباط وأسفر عن سقوط 628 ضحية وعن أضرار مادية جسيمة.

في 29 شباط 1960، دمّر زلزال بقوة 5,7 درجات مدينة أغادير الواقعة على ساحل البلاد الغربي مخلّفاً أكثر من 15 ألف ضحية، أي ثلث سكان المدينة.