المصدر: Kataeb.org
الأربعاء 12 تشرين الثاني 2025 09:53:33
تُعدّ زيارة البابا الى لبنان حدثاً تاريخياً وروحياً من الطراز الأول، اذ تجمع بين البعد الديني والانساني والوطني، فلبنان هذا البلد الصغير في مساحته والكبير بتاريخه وتنوعه، كان دائماً ارضاً للعيش المشترك بين الأديان والثقافات، ما يجعله وجهةً رمزية لأي دعوة الى السلام والوحدة.
ترجع العلاقة بين لبنان والفاتيكان الى قرونٍ بعيدة، اذ تعود جذورها الى القرن الثاني عشر، حين أعلن الموارنة إتحادهم الكامل مع الكرسي الرسولي في روما سنة ١١٨٢ م. تقريباً. منذ ذلك الحين، نشأت علاقة مميزة تجمع لبنان بالفاتيكان، تقوم على الأيمان المشترك والاحترام المتبادل، ومع مرور الزمن، تعزّز هذا الرابط عبر البعثات التربوية والارساليات التي ارسلها الفاتيكان الى لبنان، والتي اسهمت في نشر التعليم والثقافة. وقد ظلّ البابوات المتعاقبون يرون في لبنان بلداً ذا رسالةٍ خاصة في الشرق، يجسد التنوّع الديني والتعايش بين أبنائه.
تأتي زيارة البابا لاوون الرابع عشر الى لبنان في مرحلة دقيقة جداً تمرّ بها البلاد، وسط أزمات سياسية وأقتصادية وأجتماعية خانقة. فمعاناة اللبنانيين اليومية جعلت الحاجة ملّحة الى صوت يحمل الرجاء ويدعو الى التضامن والمحبة. لذلك تحمل هذه الزيارة طابعاً رعوياً وانسانياً في آنٍ معاً، اذ اراد الحبر الأعظم أن يكون قريباً من الشعب اللبناني بجميع فئاته وطوائفه، وتجسّدت هذه الارادة كما نرى من خلال لقائه الذي سيعقده مع رؤساء الطوائف اللبنانية في قلب العاصمة بيروت.
إنّ زيارة الحبر الأعظم تهدف الى تأكيد دعم الكرسي الرسولي للبنان كرسالة حرية وتعددية في الشرق الأوسط وأهمية الحفاظ على العيش المشترك، وعلى ضرورة تعزيز قيم الحوار والسلام ودعوة القادة السياسيين الى تجاوز الخلافات والعمل لبناء دولة من أجل الخير العام.