زيارة البابا مجرد هدنة أم مدخل لحل ؟

نفذت اسرائيل بما يشبه الهدنة خلال زيارة البابا لاوون الرابع عشر الى لبنان، استنادا الى ما اعلنته مسبقاً عن تعديلات في تحركاتها العسكرية بما يتلاءم مع الزيارة،  وعلقت اعتداءاتها وعمليات الاغتيال اليومية، وابقت على خروقاتها واستطلاع الاجواء على حالها، ما يؤشر إما الى تفادي استفزازها للكرسي الرسولي طوال مدة الزيارة،  وتجنب سلبياتها، والابتعاد عن سياسة التصعيد والتهديدات ظرفيا على الاقل،  وإما استجابة لضغوط تعرضت لها من دول فاعلة ولاسيما الولايات المتحدة الاميريكية بهذا الخصوص.

وبينما اختار البابا شعار «طوبى لفاعلي السلام» وما يرمي اليه من معاني، وتركيزه في مواقفه وعظاته على اهمية تحقيق المصالحة بالداخل والتقارب بين اللبنانيين،  والسلام في المنطقة ونبذ الحروب،  احيت زيارة الكرسي الرسولي هذه، آمال الكثيرين بأن تؤدي الى توقف مسلسل الحروب الاسرائيلية على لبنان والمنطقة،  وتنهي مرحلة الاعتداءات والتدمير والخراب والتدخلات الخارجية بالشؤون الداخلية اللبنانية،  وتمهد لاحلال السلام،  لاسيما وانه دعا قبل مغادرته الى ترك السلاح وانتهاج الحوار لكي يتمكن اللبنانيون من العيش بسلام،  واعادة النهوض ببلدهم نحو الافضل.

هل تساهم زيارة البابا في حماية لبنان ومساعدته،  لانهاء الاحتلال الاسرائيلي وحل مشاكله مع اسرائيل كما يأمل كثيرون من اللبنانيين؟

يلاحظ من مجمل وقائع الزيارة،  ومفاصل المواقف التي اطلقها البابا في حضور لبناني جامع لكل المسؤولين وممثلي الطوائف،  إلمامه بتفاصيل الاوضاع الداخلية والازمات التي يواجهها اللبنانيون،  واطلاعه على ظروف معاناة لبنان جراء استمرار الاحتلال والاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة والتهديدات بتوسيع حلقة الاعتداءات عليه،  ولذلك اصطحب معه كبار مسؤولي الفاتيكان،لمقاربة اوسع للاوضاع الداخلية ومعاناة اللبنانيين جراء الاحتلال الاسرائيلي،  وتقصي كيفية التحرك، لمساعدة لبنان لحل مشكلاته الداخلية من جهة،  وتسريع تنظيم التفاوض مع اسرائيل،  بعدما سمع من رئيس الجمهورية جوزف عون،  انه طرح مبادرة للتفاوض مع اسرائيل،  ولكنه لم يلقَ جوابا على مبادرته حتى اليوم.

لا يمكن اغفال علاقة البابا لاوون الرابع عشر الجيدة مع الولايات المتحدة الاميركية،  ورئيسها تحديدا،  ما يمكنه من توظيف جانب من هذه العلاقة،  في تبريد الوضع جنوباً،  والتخفيف من حدة المشاكل السياسية القائمة،  وتسهل الانخراط في مفاوضات سلمية لحل المشاكل مع اسرائيل ووضع الاجراءات المتخذة موضع التنفيذ.

ولكن بالرغم من كل وقائع الزيارة البابوية ومارافقها من مؤشرات واعدة لامكانية المساعدة بانهاء الاحتلال الاسرائيلي جنوباً،  وامكانية التوصل الى حل للمشاكل القائمة، تبقى الكلمة الفصل، بما يمكن ان تقرره واشنطن مع اسرائيل بخصوص لبنان،ما قد يجعل اي حل مطلوب يخضع لهذه المعادلة.