سؤال لبناني لوفد الخزانة الأميركية: أيهما أسهل نقل السلاح أم الأموال؟

أكد رئيس مجلس الوزراء د.نواف سلام، خلال استقباله في السرايا وفدا أميركيا من وزارة الخزانة الأميركية ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض برئاسة د.سيباستيان غوركا، «التزام الحكومة باستكمال مسيرة الاصلاح، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وترسيخ سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية».

وجرى استعراض التقدم المحقق في ضبط الحدود وتنظيم حركة الأشخاص والبضائع.

كما تناول البحث الجهود الحكومية في مكافحة تبييض الأموال، من خلال تعزيز الشفافية وتطبيق القوانين الرقابية في القطاع المالي بهدف إعادة الثقة والالتزام بالمعايير الدولية، وتمت مناقشة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب ومختلف المناطق دعما للاستقرار وترسيخا لسلطة الدولة، بالاضافة إلى تعزيز سلطة الدولة في الموانئ البحرية والجوية.

وبدا واضحا ان زيارة وفد وزارة الخزانة الأميركية إلى لبنان الفضفاض في عدد ونوعية أفراده من أمنيين إلى خبراء ماليين وآخرين في مكافحة الإرهاب والجرائم المالية، استهدفت قطع الأموال عن «حزب الله»، والتي حددتها مصادر من الوفد بالايرانية المصدر، في ضوء جهود لوزارة الخزانة الأميركية لقطع الطريق عن مصادر تمويل أخرى يتلقاها الحزب من أميركا الوسطى والجنوبية وأفريقيا.

موضوع قديم ـ جديد، لفت فيه رد إحدى الدوائر الرسمية اللبنانية على ما تقدم به الوفد من طلبات، بالسؤال «أيهما أسهل: نقل الأموال أم السلاح؟»، في إشارة إلى ما قيل أميركيا وإسرائيليا عن تلقي «الحزب» شحنات أسلحة عن طريق البر عبر سورية.

ولم تخف جهات لبنانية عدة ان الانهيار المالي والآخر الخاص بالقطاع المصرفي في 2019 عزز الاقتصاد النقدي في السوق المالية اللبنانية، مع إشارتها إلى ان غالبية المصارف التي تسببت عمدا في الانهيار تدور في الفلك الغربي ـ الأميركي، وان «الحزب» بنى شبكته المالية المصرفية الخاصة التي لم تتأثر بالأزمة المالية ـ النقدية، وتاليا بالحرب الإسرائيلية الموسعة، ذلك ان دوائره سددت الدفعة السنوية الثانية من بدلات الإيواء للذين تضررت منازلهم أو تهدمت بالكامل.

وعرضت الدوائر الرسمية اللبنانية لقيامها بضبط المعابر الشرعية من مطار ومرفأ ونقاط حدودية برية، إلى التشدد في مراقبة حركة دخول الأموال عبر المطار، وضبط كميات كبرى ومصادرتها ومنع أصحابها من الحصول عليها. الا انها حذرت في المقابل من ان المزيد من الإجراءات الأميركية في هذا السياق، ستطول المواطن اللبناني الفاقد الثقة بنظامه المصرفي بعد احتجاز أمواله، وتقطيرها بدفع المصارف مبلغ 800 دولار و400 دولار للمودعين شهريا، وهي لا تكفي لشراء أدوية للبعض، أو لتأمين السلة الغذائية الشهرية، أو دفع فواتير الكهرباء والمياه.

توازيا، ترتفع وتيرة الاتصالات على كل المستويات في تسابق بين التصعيد الإسرائيلي المصحوب بتهديدات لتوسيع الحرب، وبين مساعي التهدئة وضبط الوضع، وصولا إلى حلحلة العقد القائمة عبر أكثر من جهة عربية ودولية.

وقال مصدر نيابي بارز لـ «الأنباء»: «يجري البحث عن حل يقوم على تجزئة الازمة إلى ثلاثة عناصر وهي: موضوع المفاوضات أولا، وثانيا منع وصول الاسلحه إلى «حزب الله» والثالث إقامة حصار حول تمويله من خلال تجفيف كل الاقنية التي يحصل من خلالها «الحزب» على التمويل، بعدما نجح وفق المصادر الديبلوماسية الغربية في الالتفاف على الوسائل التقليدية والمباشرة للحصول على الأموال، بعد منع هبوط الطائرات الإيرانية في بيروت، وإقفال الخط البري عبر تغيير النظام في سورية».

ورأى «انه مع وجود تصنيع محلي محدود للسلاح، فإن الاهتمام ينصب على مواجهة التهريب عبر الحدود السورية، حيث عمليات التهريب لم تتوقف على الرغم من كل الاجراءات التي اتخذت بعد تغيير النظام في سورية، نظرا إلى وجود شبكات تهريب تنشط منذ عقود».

وفي موضوع التفاوض، قال المصدر «يسير ببطء مع استمرار التفلت الإسرائيلي من تطبيق القرار 1701، وتوسيع دائرة الغارات والاستهدافات تحت عناوين عدة، الأمر الذي يخلق حالة من الانقسام الداخلي اللبناني حول التفاوض ومستوى المشاركة فيه، والأهداف المطلوب تحقيقها، مع العمل وتكثيف الجهود للجم التصعيد الإسرائيلي بالقدر الذي يمكن ان يبقي فرص التفاوض قائمة عبر لجنة الاشراف على وقف اطلاق النار (الميكانيزم) بالحد الادنى».

في مجال آخر، يبقى موضوع تعديل قانون الانتخاب والشق المتعلق باقتراع المغتربين يشغل الاوساط السياسية على اختلافها. وفيما أعادت الحكومة الكرة باتجاه المجلس مجددا، فإن رئيسه نبيه بري لا يزال على موقفه الرافض لتعديل المادة 112 حول اقتراع المغتربين، وقد انطلق من الدفاع إلى المواجهة عبر إعلان معاونه السياسي النائب علي حسن خليل أن أي تعديل للمادة 112 يتطلب تعديل مواد أخرى سيطرحها «الثنائي الشيعي»، مما يدخل القانون ومعه الانتخابات النيابية في نفق لا يمكن الخروج منه الا بتسوية شاملة تكون مقبولة من الطرفين.

وفي سياق آخر، يتصل بالقوة المتعددة الجنسية لأفرادها التي ستنتشر في قطاع غزة، واصل وفد من معهد توني بلير زيارته للمسؤولين اللبنانيين تمهيدا لحضور بلير إلى بيروت قريبا، وتحدث مصدر عسكري لبناني رسمي سابق لـ «الأنباء» عن «احتمال شمول جنوب لبنان بأفراد من القوة التي ستناط بهما المهام الإشرافية في غزة»، وقال «ستضم القوة جنودا أميركيين، آخرين فرنسيين بعد إزالة الاعتراض الإسرائيلي، من خلفية ان الفرنسيين يستطيعون التعاطي مع أهالي القرى الحدودية اللبنانية انطلاقا من خبرة واسعة لهم في هذا السياق».

وتابع «بات في حكم المؤكد وجود قوة عسكرية أجنبية في المناطق الحدودية، بعد الرحيل النهائي لقوات «اليونيفيل» التي استهلت مهامها في الجنوب منذ العام 1978».