سامر غنوي ومحاولة خلع عمامته: "الثنائي" يحارب الشيوخ المستقلين

"لست من تجار الدين ولا من المشايخ الذين يحصّلون رزقهم من عملهم الديني ولا موظفاً لا في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ولا عند أي مرجعية حتى. منذ ثلاثين سنة أعمل في مهنة "تلبيس الحجر الصخري"، والعمامة التي اعتمرها لخدمة المجتمع".
بهذه العبارات يلخص الشيخ سامر غنوي حياته الشخصية، رداً على القرار الصادر عن الإدارة العامة للتبليغ الديني في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، بأنه غير مؤهل لارتداء الزي الديني هو و14 شيخاً أخرين. فالقرار الصادر بحقه وأقرانه سياسيٌ وسابقة بتاريخ المجلس. أما النفي الذي صدر بعد القرار فيدين "المجلس"، وأتى لململة الفضيحة، كما وصفه في حديث لـ"المدن".  

المجلس الشيعي يدين نفسه
ولد الشيخ سامر غنوي في حولا في العام 1974. ومنذ مراهقته اختار السيد محمد حسين فضل لله مرجعاً دينياً له في الطائفية الشيعية. وبعد أن أنهى تعليمه المهني في اختصاص الميكانيك العام، عاد وعمل في الصخر والحجر كمهنة يعتاش منها. ورغم دخوله إلى الحوزة العلمية في بئر السلاسل بداية، ومن ثم في ميس الجبل لاحقاً ووصلاً إلى البياضة، وترقّيه في العلم الديني، لم يكن الدين بالنسبة له مهنة، بل رسالة لخدمة المجتمع.

وعما إذا كان بيان النفي بعد صدور القرار يعبر عن وجود صراع أو توجهات مختلفة داخل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، اعتبر غنوي أن رد الفعل الشعبي على القرار أدى إلى تنصل المجلس من القرار الأول. فقد صدر القرار عن المجلس، وبعد ساعات أتى بيان التنصل من المسؤولية. فالمجلس لم ينف صدور القرار بل تنصل منه تحاشياً للنقمة وتفادياً لمغبة هذه السابقة التاريخية. بمعنى أن المجلس -في القرار وفي بيان التنصل- أدان نفسه. فهو قرار سياسي ليس المقصود فيه 15 رجل دين، بل كل رجل دين مستقل ولا يوافق الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) مواقفهما. والمقصود منه كل رجل دين يرفع الصوت أو يغرد من خارج السرب. بمعنى ما، هو قرار يأتي من ضمن سلسلة محاولات الضغط لتحجيم الحالة التي يعبر عنها رجال الدين المستقلين في الطائفة الشيعية.

شيوخ الشهر الواحد
ويسأل غنوي: كيف يمكن لعاقل أن يقول للشيخ ياسر عودة، الذي يحتل مرتبة المجتهد، وبكل علمه ورأيه الفقهي، أنه لا يليق به الزيّ الديني؟ فهل يحدد المجلس الشيعي الأعلى من يكون رجل الدين ومتى توضع العمامة؟ حتماً لا. لا يوجد شيء في الطائفة الشيعية يحدد من ومتى يعمم الشخص. فلا يوجد مسار معين لوضع العمامة. وفي الطائفة الشيعية لا ضوابط حول وضع العمامة. ففي بعض الحوزات مجرد دخول الشخص إليها ولديه بعض المواصفات التي تؤهله القيام بعمل التبليغ يعتمر العمامة ويردتي الزيّ. بمعنى أنه لا يوجد مرحلة علمية تحدد العمامة. ولا مدة للدراسة تحدد المسار. اعتمار العمامة تعود كل شخص وبحسب إمكاناته العلمية والشخصية، وليس في تدرجه في الحوزة العلمية. ففي لبنان الحزب المسيطر يختار الأشخاص ومن يكون منهم مبلغاً. ويوجد في قريتي وجوارها شيوخ تعمموا ولم يدرسوا في الحوزة إلا لشهر واحد. 

درس غنوي في حوزات عدة، وحورب فيها لأنه مستقل، ولأنه يتخذ السيد فضل لله مرجعاً له في التقليد. فبعد ارتياد حوزة بئر السلاسل انتقل إلى حوزة ميس الجبل، وحورب لأنه يقلد السيد فضل لله، وتعرض لمضايقات وصلت بأحد المشايخ إلى شتم فضل لله أمامه. انتقل بعدها إلى حوزة البياضة حيث لم يكن معروفاً أنه يقلّد السيد فضل الله. وعندما تعمم خارج الحوزة لدى زيارة الشيخ جواد الخالصي إلى لبنان، شنت عليه حملة وصدر بيان ضده قيل فيه أنه يعمل في تلبيس الحجر وأنه لم يدخل أي حوزة، وأنه مجرد قارئ قرآن، وطلبوا من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اتخاذ قرار يعتبره منتحل صفة رجل دين، وفشل المخطط. لكن بعد هذه الحملة بات يتعذر عليه الدخول في أي حوزة في الجنوب، لأنه بات معروفاً أنه يقلّد السيد فضل الله، الذي يعتبر "ضالاً"! 

العمامة تعطي حصانة ومكانة كي يصبح الشخص مبلغاً ومتمكناً في نشر الدعوة. وهذا أحد أسباب صدور القرار رغم التراجع عنه، كما يقول الشيخ غنوي. ففي لبنان يحارب كل رجل دين مستقل. ونحن محارَبون وتصل الأمور بالثنائي الشيعي إلى حد منعنا من الصلاة على جثمان ميت إذا استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، من خلال الضغوط التي تمارس. ولو استطاع الثنائي الشيعي لتمكن من منع أي رجل الدين مستقل الظهور على منبر لإلقاء خطبة.