"سباق مع الموت".. 50 ألف حامل مصيرهنَّ مجهول في غزّة!

أشارت المنظمات الدولية إلى تفاقم الأوضاع الصحية والإنسانية في قطاع غزة جراء القصف المهول والكارثي. والإطار، كشف صندوق الأمم المتحدة للسكّان في فلسطين عن وجود 50 ألف امرأة حامل في قطاع غزة، لا يمكنهن الحصول على الخدمات الصحية الأساسية، فيما 5 آلاف و500 منهن سوف يلدن خلال شهر تشرين الأول الجاري.

تواجه النساء الفلسطينيات تحدّيات كبيرة في الوصول إلى خدمات الولادة الآمنة بسبب المخاطر المتعلّقة بالتنقل، وضعف خدمات المرافق الصحيّة، ونفاد مخزون الإمدادات المنقذة للحياة.

أسئلة كثيرة تُطرح، وهواجس تكبر يوماً بعد يوم، خصوصاً بعد استهداف إسرائيل الممنهج للمستشفيات والمراكز الصحية، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية عن خروج 4 مستشفيات من أصل 35 عن الخدمة الكليّة، و47 مركزاً للرعاية الصحية من أصل 72.

وفي آخر التطورات، وجهت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي من أجل التحرك لمنع تكرار كارثة المستشفى المعمداني، عقب تلقّيها إنذاراً إسرائيلياً بإخلاء مستشفى القدس في غزة تمهيداً لقصفه، موضحة بأنه يضمّ أكثر من 400 مريض، ونحو 12 ألف نازح مدني.

إزاء هذا الواقع، يؤكّد الدكتور فيصل القاق، الطبيب في دائرة الأمراض النسائية والتوليد التابع للمركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو مجموعة خبراء السياسات الخارجية في "منظمة الصحة العالمية"، ورئيس مجموعة صحة المرأة العربية أنه "أمام وحشية العدوان المتمادي على قطاع غزة، وانطلاقاً من وجود 50 ألف حامل خلال هذه الفترة منقطعات بشكل كامل أو جزئيّ عن الرعاية الصحية، التي تعتبر أساسيّة لصحة الحوامل والأجنة، نحن أمام تأثير مضاعف على الأم والجنين جراء عدم الرعاية المنتظمة، ليس فقط للحامل، وإنما للمشكلات الصحيّة التي قد تواجه هذا الحمل. ونعلم جيداً أن الحوامل قد يُصبن بمضاعفات كسكر الحمل، ضغط الحمل، حالات النزف، وبغيرها من الحالات التي تحتاج إلى رعاية منتظمة ومستمرّة، ومن دون انقطاع عن العلاج والمعاينة السريرية العيادية".

أما في حال الانقطاع عن العلاج والمعاينة، فيشير القاق إلى أنه "سيفاقم هذا الواقع مسار الحمل، وسيؤدي إلى مضاعفات خطرة تزيد من وفيات الأمّهات والأجنة. الحمل بحاجة إلى متابعة دقيقة حتى لو لم يكن هناك أي مرض أو مضاعفات جسدية ظاهرة. فالحوامل تواجه اضطرابات شديدة على الصعيد النفسي جراء الوضع المتأزم والقاتم، والذي يزيد من فداحة المضاعفات".

لكن 5500 حامل سيلدن هناك خلال شهر تشرين الأول، وبرأي القاق أن مجرد التفكير للحظة واحدة في أن "هؤلاء الحوامل سيلدن في أمكنة ليس فيها الحدّ الأدنى من الإشراف المهني والتعقيم، والتجهيزات الملائمة، هو أمر مرعب. وعليه، بمجرد تصوّر المشهد يمكن أن نقدّر هول الموضوع والكارثة التي نحن مقبلون عليها، والتي قد تُسبّب وفيات الحوامل جرّاء النزف والالتهابات، أو جراء حمّى النفاس، أو تسبّب وفاة الأجنة في حال حدوث ولادات مبكرة، أو مضاعفات الولادة أو خلالها".

وهذا ما حاول أن يُصوّره صندوق الأمم المتحدة للسكّان في بيانه قائلاً: "تخيّلي أنك حامل في منطقة حرب، مع عدم وجود أيّ وسيلة متاحة للمساعدة على إنجاب طفلك إلى العالم. في غزة، تواجه 50 ألف امرأة حوامل كابوساً مزدوجاً، حيث الرّعب الناجم عن الحرب والكفاح من أجل الوصول إلى خدمات الولادة الآمنة".

وفي هذا السياق، قال عدنان راضي، وهو طبيب في مستشفى العودة، في حديثه إلى Middle East Eye، "منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم أغادر مستشفى العودة. وللأسف لم يتمكن سوى أقل من 10 نساء حوامل من الوصول إلى المستشفى خلال الـ12 يوماً الماضية".

وأضاف أن العديد من النساء اضطررن إلى الولادة في بيئات غير آمنة، وضمن ذلك الشوارع أو السيارات، حيث جعل القصف من المستحيل فعلياً على النساء الوصول إلى العيادات أو المستشفيات.

والأخطر برأيه أن "بعض النساء فقدن أطفالهن الذين لم يولدوا بعد، وتعرّضت أخريات لمضاعفات خطيرة، وضمن ذلك تمزّق الرحم أو عنق الرحم، والنزيف الداخلي، وانفصال المشيمة".

ويؤكّد القاق أنّنا شهدنا سابقاً، بعيداً عن ظروف الحمل، أن الولادات، التي كانت تحصل في بيئات محرومة من الإشراف المهني ومن التعقيم والأدوية، شهدت تعثّراً للحمل، وأدّت إلى زيادة الوفيات؛ فكيف الحال اليوم في خضمّ هذه الحرب المدمّرة؟