سلامة قضى على العام الدراسي: لا حوافز بالدولار للأساتذة

في ظل إضراب المعلمين المتواصل منذ شهرين، لم يعد السؤال حول مصير العام الدراسي. فالأخير انتهى في القطاع الرسمي واقعياً. وبات السؤال الحالي يدور حول معرفة على أي أساس ستجرى الامتحانات الرسمية. ففي ظل تمنع غالبية الأساتذة عن التعليم، واقتصار التدريس في الثانويات التي فتحت أبوابها على مواد غير أساسية، بات مصير الامتحانات على المحك. وحتى لو تقرر إجراء الامتحانات بمن حضر، وسط إنكار وتجاهل المسؤولين في وزارة الواقع على الأرض، يستحيل المضي في الاستعدادات للامتحانات من دون إجراء تخفيض جذري في المناهج. وقد كان هذا الموضوع على طاولة اجتماع وزير التربية عباس الحلبي مع مسؤولي الوحدات في وزارته، كما أكدت مصادر مطلعة لـ"المدن". لكن المشكلة التي يواجهها المركز التربوي للإنماء والبحوث هي كيفية تخفيض مناهج صفوف الشهادات، في ظل عدم انتظام التعليم في القطاع الرسمي. فأي تخفيض يجب أن يكون بناء على بيانات الثانويات لمعرفة أين وصلت في المقررات، كي يتم اقتطاع تلك التي لا يستطيع الأساتذة تعليمها بعد عودتهم إلى التعليم، في حال حصل هذا الأمر.


تأخر دفع الحوافز
الوقائع على الأرض تعاند وزارة التربية. ففي جديد قضية الحوافز كان يفترض أن تبدأ وزارة التربية بتوزيعها على المعلمين صباح اليوم. لكن التأخير الذي حصل في وزارة المالية والمصرف المركزي حال دون دفعها في الوقت المحدد. ولفتت مصادر مطلعة إلى أن المصرف المركزي حوّل مبلغ سبع ملايين دولار لوزارة التربية من حساب الـ1050 مليار ليرة المخصص لبدل الإنتاجية، وستبدأ الوزارة بتوزيعها عبر شركة تحويل الأموال قريباً (مساء اليوم أو غداً). لكن المشكلة التي ستواججها الوزارة تكمن في دفع حوافز الـ125 دولاراً شهرياً للأشهر المقبلة. وثمة اقتراحات بأن يصار إلى تحويل بدل الإنتاجية بالليرة اللبنانية إلى الحسابات المصرفية للأساتذة، وليس عبر قبضها بالدولار عبر شركة OMT. والسبب الذي قد يؤدي إلى اتخاذ هذا القرار يكمن في الإجراءات المتبعة في المصرف المركزي. فقد تم تحويل سبعة ملايين دولار في الوقت الحالي، ولم يتم تحويل المبلغ كله دفعة واحدة، على منصة صيرفة. ورغم أن حاكم المصرف المركزي يتحمل المسؤولية، إلا أن الإجراء سيعني إخلال وزارة التربية بالاتفاق مع روابط المعلمين على الدفع بالدولار عبر شركة تحويل الأموال.

استبدال الحوافز بالعقوبات
الاتفاق بين روابط المعلمين والوزير عباس الحلبي تعرض اليوم لنكسة أولى. فبعد تأخير دفع حوافز المئة الدولار أعلنت رابطة المعلمين في التعليم المهني العودة إلى الإضراب يوم الإثنين المقبل (علماً أن الإضراب ما زال مستمراً في ظل تمنع الأساتذة عن التعليم). فقد وصلت تلك الحوافز إلى نحو 5 بالمئة من أساتذة المهني، فيما كان يفترض أن يبدأوا بقبض المئتي دولار اليوم. ووفق مصادر روابط المعلمين قد تلجأ الروابط إلى إعلان إضراب بدورها في حال أخلت وزارة التربية بالاتفاق معها. إذ يفترض أن يتلقى الأساتذة مئتي دولار اليوم الإثنين لتبدأ مرحلة دفع حوافز الـ125 دولاراً في مطلع شهر نيسان، وفي حال تبين أن الوزارة عاجزة، فلا بديل عن الإضراب.

في الأثناء بدأت الوزارة تستعد لمرحلة تنفيذ الإجراءات التأديبية. في الوقت الحالي يقتصر الأمر على حسم بدل الإنتاجية بالدولار للأساتذة الممتنعين عن التدريس، لكن في المرحلة المقبلة يفكر البعض بضرورة اتخاذ عقوبات حسم رواتب الأساتذة الممتنعين عن التعليم. لكن هذه التهديدات لم تنفع في إخضاع الأساتذة. بل ما زالت الااحتجاجات في التعليم الثانوي على حالها. ووفق المصادر، قرار العقوبات التأديبية بحسم الرواتب لم يتخذ في الوزارة بعد، بل هو مدار بحث. فهناك إشكالية قانونية تمنع اتخاذ تلك الإجراءات. فلا يمكن حسب قانون الموظفين عدم احتساب راتب الموظف في حال حضر إلى عمله ووقع على دفتر الدوام، ولم يمارس عمله. وبالتالي، يفكر بعض المسؤولين في الوزارة بإيجاد فتوى قانونية لتنفيذ هذا الأمر. لكن مخاطر هكذا إجراء في الظروف الحالية لا تحمد عقباها، خصوصاً في ظل إضراب موظفي الإدارات العامة.

انتهاء العام الدراسي
الإشكالية الحالية تكمن في إنكار وزارة التربية الواقع على الأرض بعد انفلات سعر صرف الدولار ووصول سعر منصة صيرفة إلى أكثر من 80 ألف ليرة وانخفاض قيمة رواتب الأساتذة ومساعدات الدولة (ثلاثة رواتب) إلى أقل من تسعين دولاراً بالشهر، وعدم وجود ضمانات لدفع بدل النقل بما يوازي خمسة ليرات بنزين. ورغم أن المسؤولية تقع على عاتق المصرف المركزي والحكومة وليس وزارة التربية، إلا أن الوزارة والوزير هما المسؤولان أمام الأساتذة والطلاب.

كل الوقائع على الأرض تعني أن العام الدراسي انتهى، ولم يتبق أمام الطلاب إلا نحو 30 يوماً فعلياً قبل الذهاب إلى الامتحانات الرسمية، ولم يتعلم الطلاب إلا نحو 20 يوماً خلال الفصل الأول. وبالتالي، ليس أمامنا إلا تمرير الوقت المتبقي من العام الدراسي، عبر فتح أبواب مدرسة أو ثانوية هنا أو هناك، ومن خلال المساعدات التي يقدمها متمولون للمدارس في مناطقهم، أو من خلال الاستعانة بالأساتذة المتعاقدين. وهذه فضيحة تسجل في سجل الوزارة التي تريد إجراء امتحانات رسمية فقط لإرضاء القطاع الخاص.