سوق سوداء في دوائر النفوس.. هذا ما يحصل

لم «تزمط» إخراجات القيد من السوق السوداء بعدما بدأت «تشحّ» منذ حزيران 2020، بسبب التأخّر في إجراء عقد لطباعة إخراجات القيد واللواصق العائدة لها نتيجة تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار. أدّى ذلك إلى ارتفاع «تسعيرة» إخراج القيد بحسب أهواء المخاتير و«السماسرة»، فوصل سعره إلى «مليونَي ليرة» وفق ما تؤكد دعاء علاء الدين، مُشيرةً إلى أن أحد أصدقائها طُلب منه مليون ونصف مليون «قبل أن يتمكّن من إنجازه عند أحد المخاتير بـ50 ألف ليرة».


آب الماضي كان «لهّاباً» في ما خصّ أسعار إخراجات القيد. وفق مختار صور سامر شغري، «وجود المغتربين شكّل عاملاً مهماً في ارتفاع الأسعار»، مُشيراً إلى أن السوق السوداء «خفّت أخيراً» بسبب مغادرة المغتربين وعدم قدرة المقيمين على الدفع. أصابع الاتهام توجّه، في المقام الأول، إلى المخاتير «الذين يربَحون على حساب الناس»، لكن مختار بلدة مقنة محمد حسن الموسوي يؤكد أنّ «من يستغلّ الناس هم السماسرة وبعض موظّفي الدوائر الرسمية الذين يتذرّعون بالإضرابات كي لا يزاولوا أعمالهم، فيما يعملون تحت الطاولة، ويمرّرون للسماسرة». وهو ما يؤكده شغري الذي يشبّه دوائر النفوس بـ«البازار» إذ «ينيّمون الطلبات لمصلحة من يدفع».

 


مصادر في المديرية العامة للأحوال الشخصية قالت لـ«الأخبار» إنها أصدرت بياناً دعت فيه «للإبلاغ عن أي مبلغ إضافي يُطلب خارج الرسم المحدد»، غير أنه «حتى اللحظة لم تصل أيّ شكوى»، مشيرة الى أنه «ليس لدينا سوق سوداء لإخراجات القيد، بل أزمة شحّ في الأوراق، ما أدى إلى استغلال البعض لذلك». وبحسب المصادر نفسها، فإنّ الأزمة في طريقها إلى الحل، لكنه حل «غير دائم». فالإدارة «رفعت كتاباً الى وزير الداخلية أحاله إلى وزارة المالية لنقل اعتماد من احتياط الموازنة إلى موازنة الأحوال الشخصية لتأمين طباعة الأوراق وفق الأصول القانونية». كما أنّ الاعتمادات المخصّصة لإخراجات القيد «تحولت منذ أسبوعين الى مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش. لكنّ الاعتمادات الموجودة لا تكفي كل طلبات المواطنين».


«أزمة إخراجات القيد» لا تنحصر في مشكلتَي السوق السوداء وشح الأوراق فقط، وإن كانتا أساسيّتَين، «فصحيح أن إخراجات القيد ضمن قضاء بعبدا كانت بالإجمال متوفرة، ولم نعان من الشح في الأوراق إلا ليوم أو يومين فقط، وفي بيروت الوضع مقبول، إلا أن معاناتنا هي عندما نرسل الطلبات إلى مناطق أخرى كالجنوب والبقاع مثلاً»، يقول نائب رئيس رابطة مخاتير بعبدا ومختار برج البراجنة خليل فرحات. فانقطاع الكهرباء وأزمة البنزين، وعدم قدرة الموظفين الذين انخفضت قيمة رواتبهم على الوصول إلى مكاتبهم، كلّها لعبت دوراً في تأخّر إنجاز إخراجات القيد وزيادة تكلفتها، «لذلك يفترض أن تكون هناك تسعيرة موحّدة من قبل الدولة».

 

اضطر محمد إلى دفع 150 ألف ليرة عند أحد المخاتير، بعد أن كان إخراج القيد يكلّفه 15 ألف ليرة، «عدا السوق السوداء، يمكن لمن لديه واسطة إنجاز إخراج القيد. أنا عندي واسطة لكن لم أتمكّن من الذهاب إلى صيدا لأنّه لم يكن معي بنزين» يقول محمد. هذه الفوضى، هي «سوق سوداء» أيضاً برأي الموسوي، «فعندما يصل المواطن إلى بعلبك من بيروت يكتشف أنّ إخراج القيد لم يُنجز بعد، ما يلزمه أن يعيد المشوار، ويدفع المزيد من المال، ليصل المبلغ إلى 200 - 500 ألف ليرة مثلاً».
مخاتير صور توصّلوا قبل أسبوعين إلى حلٍّ يقضي بأنّه يحقّ لكلّ مختار الحصول على إخراجَي قيد يوميّاً، «ما ساهم في تخفيف السمسرة، ومبدئيّاً في صور ماشي الحال. وعسى أن تنتقل هذه المبادرة إلى مناطق أخرى» وفقاً لشغري. فيما يؤكد فرحات أنه مع أهمية أيّ «خطوة» أو «مبادرة» لحلحلة الأزمة والتخفيف عن المواطنين، لكن ذلك يبقى ضمن إطار «الحلول الآنية والمؤقتة» إلى أن تصل إلى كلّ دائرة نفوس حاجتها الكاملة من الأوراق.