شغف السفر وجهنم الأزمة الاقتصادية

كيفما تصفّحت مواقع التواصل، تنهال عليك عروض عديدة لسفريات، ومكاتب تتهافت لجذب هواة التعرّف إلى بلاد جديدة. كيف لا والسفر متعة لمن ينتظر عطلة الصيف للتغيير والتجديد في حياته والتخلص من عناء الأزمات التي "يزخر" بها بلدنا لبنان.

 

سفرات محدودة

السفر الذي حُرِمَ منه اللبنانيون سابقًا بسبب جائحة كورونا عاد بعد إعادة فتح المطارات، لكنّنا هنا نتحدث عن فئة معينة من الناس، ذلك أن المجتمع اللبناني يرزح تحت ثقل أزمة أكلت معها الأخضر واليابس، وجعلت المواطن العادي يتقاضى راتبًا بالكاد يكفيه لتأمين حاجياته اليومية، لكن حتى من يتقاضى جزءًا من راتبه بالدولار لم يعد بإمكانه القيام برحلة بعيدة بل بات عليه الاختصار.

 

مكاتب السفر

وفق مصادر العاملين في أحد مكاتب السفر، فإن السفرات إلى إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية مكلفة جدًا، من هنا باتت الحجوزات في غالبيتها تقتصر على  قبرص وتركيا لكون السفر إليهما يحتاج إلى ميزانية متوسطة، ولا سيما تركيا التي يقصدها عدد كبير من اللبنانيين للتسوّق وهي لا تحتاج إلى فيزا ما يُسهّل على اللبناني سفرته.

وتتابع المصادر: "ولا يخفى أن الحجوزات تأثرت بأزمة جوازات السفر، فبعض من يرغب بالقيام بسفرة ولو صغيرة، اصطدم بحاجز الجواز المنتهي الصلاحية ومواعيد الحجز على المنصة".

 

فئة قطع باب رزقها

اختصار السفر الذي فرضته الأزمة، قطع كذلك باب رزق من كانوا يعملون كدليل سياحي في عدد كبير من مكاتب السفر، والذين لجأوا إلى مورد رزق آخر، لأن الأزمة الاقتصادية حكمت عليهم بالإعدام، خصوصًا وأنّ أمدها غير معروف وما من محلّل قادر على التنبؤ بموعد انتهائها.

 

فئة حُرمت من متنفّسها الوحيد

إضافة إلى تلك الفئة، فإن عددًا كبيرًا من اللبنانيين والذين كانوا يصنّفون من ضمن الطبقة الوسطى التي أعدمتها السلطة، استحال عليهم ممارسة هوايتهم المفضلة، ذلك أن راتبهم لم يعد يكفي لشراء الوقود للسيارة، فكيف بالأحرى لشراء تذكرة سفر؟

 

باختصار، في بلد التأقلم مع كل ظرف، ليس غريبًا أن نجد فرقًا شاسعًا بين مواطن يؤرّقه البحث عن الرغيف لعائلته، وآخر يبحث عن بطاقة سفر ليمضي إجازة في بلد آخر، لكن يبقى الأمل بأن تحمل الأيام المقبلة نهاية الكابوس، فتعود الحياة ومعها السفرات التي يرغب كل منا في القيام بها.