المصدر: النهار
الكاتب: إسكندر خشاشو
الأربعاء 17 أيلول 2025 17:47:22
أثار الاتجاه لإضاءة صخرة الروشة في بيروت بصورتي الأمينين العامين لـ"حزب الله" السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في ذكرى اغتيال نصرالله موجة اعتراضات من عدد من نواب العاصمة، الذين اعتبروا الخطوة استفزازاً لأهالي بيروت وتعدّياً على رمز وطني وسياحي جامع.
من الناحية الإدارية، تعتبر صخرة الروشة جزءاً من الأملاك العامة البحرية، وبالتالي فإن أي نشاط عليها أو تعليق صور أو شعارات يحتاج إلى إذن رسمي من محافظة بيروت بصفتها المرجع الأول في العاصمة وليس من بلدية بيروت وحدها. فالمحافظ، بصفته ممثلاً للسلطة المركزية، هو المخول منح الإذن أو منعه، فيما تقتصر صلاحيات البلدية على الأملاك البلدية الخاصة. أما قوى الأمن الداخلي فلها دور في التدخل لإزالة أي تعد على الأملاك العامة إذا لم يستصدر الترخيص.
وفي هذا الاطار علمت "النهار" أن لا طلب قدّم للمحافظة حتى هذه اللحظة، ولا للبلدية لأي فعالية من التي ذكرها المسؤول الإعلامي لـ"حزب الله" في مؤتمره الصحافي.
الاعتراضات النيابية جاءت تحت عنوان حماية الطابع الوطني والرمزي للصخرة، إذ اعتبر المعترضون أن تحويلها إلى مساحة للتعبير السياسي يضرب صفتها السياحية الجامعة ويعمّق الانقسام في مدينة شديدة الحساسية سياسياً وطائفياً.
لكن خلف البعد القانوني، يبرز سؤال التوقيت. فرفع صورة نصرالله على صخرة الروشة ليس مجرد مبادرة رمزية، بل يمكن قراءته في إطار رسالة سياسية من جهة، تأكيد حضور "حزب الله" في قلب العاصمة، ومن جهة أخرى هو عمل دؤوب لإخراج "حزب الله" من الضاحية الجنوبية إلى العاصمة بشكل عام، وهذا ايضاً ما يفسر أن فعاليات الذكرى الأولى جميعها خارج ضاحية بيروت الجنوبية بل في عمق العاصمة من المدينة الرياضية إلى المنارة الى صخرة الروشة.
اعتراض النواب لا ينفصل عن هذا السياق، إذ يرون في الخطوة محاولة لـ"تطبيع" صورة الحزب داخل بيروت، المدينة التي لطالما شكلت مساحة رمزية للطائفة السنية. وفي المقابل، يعتبر مؤيدو "حزب الله" أنّ ردود الفعل تكشف عن ازدواجية في التعاطي مع حرية التعبير، إذ تُسمح صور بعض الزعماء وتُمنع صور آخرين.
واختار "حزب الله" الرد عبر النائب السني في كتلته ينال الصلح الذي قال: "أن الشهيد القائد السيد حسن نصرالله، لم يكن مجرد زعيم سياسي أو قائد عسكري، بل كان مدرسة في الصدق والإخلاص والتضحية".
اما نائب بيروت نبيل بدر فقال لـ"النهار": "في بيروت وفي كل لبنان البلدية والمحافظة هما الجهتان المعنيّتان بإعطاء الاذونات لتعليق اليافطات والصور الحزبية والسياسية والتجارية، وخصوصاً في بيروت يحتاج أي حدث فني تعبيري على صخرة الروشة الى تقديم طلب للمحافظ ليأخذ بدوره موافقة البلدية مجتمعةً، وبما يتعلق بالحدث المذكور على صخرة الروشة، فحتى الساعة لا يزال في إطار الإعلام ولا شيء جدي".
وتوجه إلـى"حزب الله" بالقول" يجب احترام مساحة الآخرين وخصوصياتهم، نحن لبنانيون ونعتز بشهادة نصرالله بوجه العدو الإسرائيلي ونقدّر هذا الحدث الجلل، ولكن في الوقت عينه كل لبناني يعتقد أن المساحة التي تخصه لا يريد إشراكها مع أحد لاسيما إذا كان الموضوع سياسياً بحتاً، صخرة الروشة معلم ورمز للعاصمة لم يتم يومًا تعليق صورة سياسي حزبي عليها ويحق لبيروت وأهلها فقط التعبير على الصخرة".
ورداً على سؤال، قال: "اليوم نحتكم للقانون والدولة وبالتالي لا يحق لهم استعمال الصخرة في حال غياب الترخيص بكل بساطة، لديهم فضاء واسع في كل مناطقهم وحقهم بالتعبير والاحتفاء بذكرى سنوية لشخصية يحبونها ونقول دائماً "استقلاليتك تقف عند خصوصية الآخرين".
وتابع: "هناك خصوصية لكل منطقة وهذه طبيعة لبنان وتكوينه الطائفي والمذهبي، وتظهير الفكرة على رمز بيروت غير مقبول وفيها نوع من "الحرتقة"، المشكلة بحزب الله ألا شريك لهم إنما أتباع ونحن شركاء لا أتباع".
وردًا على سؤال حول احتمال إقامة احتفال في 25 أيلول، قال: "سألت عن هذا الموضوع، أتتني الاجابة بأنه لا يمكن إعطاء هكذا تصريح لأنه يهدد السلم الأهلي في بيروت ويدعو للمواجهة مع أبناء بيروت، وبالتالي حزب الله لديه مساحة كبيرة للتعبير فيها".
النتيجة المرجحة أنّ قضية صورة على صخرة الروشة قد تتجاوز بعدها الرمزي لتتحوّل إلى عنوان مواجهة سياسية بين القوى المعارضة لـ"حزب الله" في العاصمة وبين الحزب نفسه، في لحظة دقيقة داخلياً وإقليمياً، حيث يتقاطع المحلي بالاستراتيجي، وتتحوّل صورة على معلم طبيعي إلى مرآة لصراع أعمق على هوية المدينة والبلد.