المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الاثنين 3 تشرين الثاني 2025 15:26:32
في تحذير يعكس حجم القلق البيئي المتصاعد، دقّ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل ناقوس الخطر إزاء مشاهد “اليباس” التي بدأت تجتاح عددًا من أحراج لبنان، مهددة ما تبقّى من غطائه الأخضر.
وكتب الجميّل في منشور عبر منصة "إكس" مشاهد مقلقة في عدد من أحراج لبنان، حيث يضربها اليباس بشكل غير مسبوق من دون معرفة الأسباب الدقيقة، إن كانت بفعل الشح في المياه أو أمراض تصيب الأشجار أو عوامل أخرى.
وشدد على أن الوضع يستدعي توضيحاً عاجلاً وتدخّلاً مباشراً من وزارة الزراعة قبل أن نخسر ما تبقّى من غطائنا الأخضر.
لم يتأخر الرد الرسمي، إذ سارع وزير الزراعة نزار هاني إلى شكر النائب الجميّل على لفت الانتباه إلى هذه الظاهرة، موضحًا أن الوزارة كانت قد أصدرت بيانًا بيّنت فيه الأسباب الكامنة وراء موجة اليباس، مشيراً إلى أن قلة الأمطار والجفاف الطويل الذي تعرض له لبنان في الفترة الأخيرة هما السبب الأساسي لما يشهده الغطاء النباتي من تراجع وضعف.
هل المشكلة في المياه فقط؟
لكن الخبراء البيئيين يرون أن الأزمة أعمق من مسألة الشح في المياه.
فبحسب خبير بيئي تحدث إلى موقع kataeb.org، فإن اليباس ليس نتيجة عامل واحد، بل نتيجة تداخل عوامل مناخية وبيئية وبشرية، أبرزها:
اولاً- تراجع معدلات الأمطار بنسبة وصلت إلى 50% عن المعدل السنوي في بعض المناطق، ما أدى إلى جفاف حاد في التربة.
ثانيًا- ارتفاع درجات الحرارة المتكرر خلال فصول الربيع والصيف، وهو ما زاد معدلات التبخر وأضعف قدرة الأشجار على الصمود.
ثالثًا- انتشار آفات وأمراض فطرية كانت محصورة سابقًا بالمناخ المعتدل، لكنها استفادت من تغير الظروف المناخية لتنتشر في مساحات أوسع.
رابعًا- الحرائق المتكررة والقطع غير الشرعي للأشجار، ما أفقد الأحراج توازنها الطبيعي وقدرتها على تجديد نفسها.
خامسًا- ضعف الإدارة البيئية وغياب خطط وطنية فاعلة لإدارة المياه وإعادة التشجير والمراقبة المستمرة.
ما المطلوب الآن؟
يؤكد الخبير نفسه أن الحل لا يمكن أن يكون محصورًا بزيادة المياه فقط، بل يتطلب خطة وطنية متكاملة تستند إلى أربعة محاور أساسية:
- إدارة ذكية للموارد المائية، تشمل تجميع مياه الأمطار، تحسين شبكات الري، وتشجيع استخدام المياه المعالجة في ري الأحراج.
- تعزيز التنوع البيولوجي من خلال زراعة أنواع مقاومة للجفاف والأمراض، وإنشاء أحراج مختلطة تحافظ على التوازن البيئي.
- تشديد الرقابة على الحرائق وعمليات القطع العشوائي، وإطلاق برامج مراقبة بيئية عبر المجتمع المحلي.
- اعتماد خطة وطنية للتكيّف مع التغير المناخي تشمل البلديات والمجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية.
وبحسب الخبير في إدارة الغابات والنظم البيئية في منطقة المتوسط، فادي أسمر، فإن السبب الأساسي لليَباس الحاصل هو الجفاف الممتد، مؤكدًا أن الوضع لا يتعلق بأمراض أو حشرات، وأوضح أن الأشجار ستتجدد تلقائيًا عند حلول الأمطار، وخاصة في فصل الربيع، حيث من المفترض أن تُجدد الطبيعة نفسها.
وأشار أسمر إلى أن الكثير من الغابات مهمولة، وأن عدد العمال غير كاف للقيام بالتشحيل الضروري، وهو إجراء يخفف من الكتلة الحيوية الزائدة ويحد من انتشار الآفات، وبناءً عليه، طالب وزارة الزراعة باتخاذ إجراءات مدروسة للتشحيل ضمن شروط معينة، بما يساهم في الحفاظ على الغطاء الأخضر وتخفيف هذه الآفة.
أخيرًا، التحذير الذي أطلقه الجميّل ليس صرخة حزبية، بل جرس إنذار وطني يجب أن يُسمع في كل وزارة ومؤسسة معنية.
أما رد الوزارة، وإن كان يستند إلى حقائق مناخية دقيقة، فيبقى ناقصًا ما لم يترافق مع خطوات عملية عاجلة، بالتالي المسألة لا تتعلق فقط بشح المياه، بل ببنية بيئية هشة تتعرض اليوم لضغط مناخي وإنساني غير مسبوق.
وإن لم تُتخذ الإجراءات سريعًا، قد يُصبح الغطاء الأخضر الذي ميز لبنان عبر تاريخه القريب ذكرى من صور قديمة وخرائط منتهية الصلاحية.