صيف لبنان "ولعان"... والأسعار كمان!

زمن "العجائب والغرائب"! هكذا يمكننا اختصار ما نشهده اليوم في لبنان. ففي بلد أثّرت أزمته الإقتصادية على الكبير والصغير، على الغني والفقير، نرى فيه بالمقابل "حياة ليلية عامرة".

أسعار خيالية ومعظمها بـ "الفريش دولار"، حجوزات "مفوّلة"، أعداد هائلة داخل أماكن السهر... فالذي يريد الحجز في مكانٍ ما: "هوي وحظو اذا في محل".

كيف لبلد إقتصاده مدمّر، قدرته الشرائية عالية جداً، رواتب مواطنيه مقسّمة الى 3 : فئة تتقاضى راتبها بالليرة اللبنانية فقط لا غير، فئة "النص بالنص" ما بين ليرة لبنانية والدولار الأميركي، وفئة الدولار البحت، أن يتأقلم مع هذا الارتفاع في الأسعار؟!

من هنا، أسئلة كثيرة تخطر في بالنا، كيف للبناني التأقلم مع حياة "الصرف" هذه؟ وهل ما نشهده اليوم يعتبر "حقبة مؤقتة" ستمتد فقط الى نهاية موسم الصيف مع عودة المغتربين الى الخارج؟ والسؤال الأهم الذي لا بدّ من الحصول على جواب عنه: ما السرّ الكامن وراء ارتفاع الأسعار والدولرة الشاملة في القطاع السياحي؟

 

"الحق مش على أصحاب المحلات... اللبناني معوّد حاله على البذخ"، بهذه الجملة اختصر رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان بيار الأشقر الحالة التي نعيشها اليوم.

الأشقر وفي حديث خاصّ لـ Kataeb.org، لفت الى أن "هناك نوعين من المطاعم والمقاهي والمنتجعات السياحية، من حيث الأسعار والجودة والنوعية والموقع الجغرافي. فالنوع الأوّل والذي يعتبر أغلى من غيره، هو لأن قيمة استثماره عالية جداً، وهو يقدّم نوعية جيدة من حيث المأكولات والمشروبات الروحية الى الخدمة الممتازة، وهذه المحلات تحظى بإقبال كبير خاصة في موسم الصيف. واذا أتينا الى النوع الثاني، والذي تكون قيمة استثماره أقل من غيره، ومصاريفه من حيث الإيجار الى المازوت الى رواتب موظفيه أقل بكثير من النوع الأول، نرى أن أسعاره مقبولة والحجوزات فيه عادية جداً".

وتابع: "من هنا، يمكننا أن نؤكّد أن اللبناني هو سيّد قراره من حيث الصرف، فهو الذي ينجذب الى الأماكن ذات الأسعار المرتفعة، لأنه في بحث دائم عن "البرستيج" قبل دراسة امكانياته المادية".

ورداً على سؤال حول مراقبة الأسعار، كشف الأشقر انه لا يوجد مراقبة من قبل أي جهة معنية، سوى من المواطن الذي يقصد الأماكن المرتفعة الأسعار عمداً ويحاول التشهير بها عبر نشر صور الفواتير على مواقع التواصل الاجتماعي، معرباً عن أسفه واستنكاره لمثل هذه المحاولات.

وتطرّق الأشقر الى موضوع ارتفاع أسعار المواد الأولية في الأطعمة والمواد المستوردة من الخارج، ناهيك عن الارتفاع في أسعار المحروقات وفواتير الكهرباء، فهذه كلّها تساهم برأيه تلقائياً في "تطيير الأسعار" ليحافظ أصحاب هذه الأماكن ومستثمروها بدورهم على أرباحهم واستمرار عملهم، بخاصة من يتّكلون على الأعمال والوظائف الموسمية.

وعن موضوع التضخّم، رأى الأشقر أنه لم يطل لبنان فقط، فالتضخّم أصبح عالمياً بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، كما وأن الكثير من البلدان الأوروبية تشهد ارتفاعاً في الأسعار ما بين 30 الى 40%، فسأل: "كيف للبنان هذا البلد الصغير الا يتأثر بما يحيطه؟"

وثمّن الدور الفعّال للسياح والمغتربين في دعم الاقتصاد اللبناني في الموسم الصيفي، كاشفاً ان الأعداد الحالية والمنتظرة في الأيام القادمة تبشّر خيراً.

وختم الأشقر جازماً ان الأسعار لن تتغيّر مع انتهاء الموسم الصيفي – السياحي، كما وانها لن تعود كما كانت عليه، فهي باقية على حالها بسبب للتضخم العالمي الذي نشهده، ومواكبةً لعملية العرض والطلب والإقبال الكثيف من قبل اللبنانيين.

 

بدوره، أكّد رئيس بلدية الفيدار سابقاً وصاحب أشهر المنتجعات السياحية في جبيل السيد نسيب زغيب، في حديث خاص لموقعنا، أن السبب الأساسي لإرتفاع الأسعار هو دولرة المواد الأولية المستعملة ان كان في مطابخ المطاعم والمقاهي أو المسابح (من مواد تنظيف وكلور...) الى تكاليف الصيانة... فهذا كله وبحسب رأيه ساهم في تطيير الأسعار.

ولفت زغيب الى أن اتكالهم اليوم هو على الموسم السياحي الصيفي، فالأرباح التي يجنيها المستثمرون وأصحاب المنتجعات السياحية هي موسمية ولا تمتّد على مدار السنة كما يعتقد البعض ويحكم.

 

وقائع، آراء، أرقام وحجج، بعضها منطقي والبعض الآخر آتٍ من الخيال، فمن نظرة المشاهد الحيادي يمكننا أن نطرح السؤال: "ما هو سقف الأرباح للقطاع السياحي في لبنان؟"، وأما من نظرة المستهلك فنسأل: "ان كان الهدف من دولرة السلع والخدمات هو لإرساء نوع من العدالة في السوق، فكيف ستحارب التضخّم يا "معالي" الوزير؟