المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
الأربعاء 13 آب 2025 15:26:03
سادت خلال الأسبوعين الأخيرين بلبلة مردها إلى تكليف ضريبي، يزيد على المليار دولار نقدي، فرضته وزارة المال على المصارف الحاملة لسندات اليوروبوندز.
أوحى الخبر الذي انتشر إعلاميا كالنار في الهشيم، أن مصارف لبنان، في حال تسديد هذه الضريبة، ستكون قاب قوسين من الإفلاس الكلي، وستتوقف عن دفع مفاعيل التعميمين 185 و166 بسبب افتقادها السيولة، ما أثار الخوف والبلبلة في أوساط المصرفيين والمودعين على حد سواء.
حقيقة الأمر كما أفادت مصادر مصرفية متابعة للملف، أن القضية أعطيت أكثر من حجمها، ربما بدافع من عدم التنسيق الفاعل بين جمعية المصارف ووزارة المال من جهة، وربما لتسرع بعض أهل القطاع في إخراج اعتراضهم إلى الإعلام، وتخوفهم غير المبرر من جهة أخرى. فالمؤونات المصرفية، موضوع التكليف الضريبي، هي عن عامي 2020 و2021.
والضريبة المطلوب تسديدها، ستحتسب بناء على القانون، ووفق أوامر التحصيل الضريبية، على سعر الدولار الذي كان سائدا حينذاك، والذي كان يراوح بين 5 و15 ألف ليرة لبنانية.
وعليه، فإن ما تم تداوله في الإعلام عن ضريبة قد تصل إلى مليار و200 مليون دولار، هو استنتاج متسرع، واحتساب غير دقيق لأوامر التكليف، وأوامر التحصيل المجمعة عن جميع المصارف والتي ستأتي من وزارة المال، لن تزيد على 35 إلى 40 مليون دولار فقط.
وأضافت المصادر أن الاحتساب لن يكون على سعر 89500 الحالي للدولار، فالقانون واضح ولا لبس فيه، ومندرجاته تحدد بدقة، لناحية وجوب تسديد الضريبة على السعر السائد في تاريخ التكليف.
وكانت مديرية الواردات في وزارة المال طلبت من المصارف تسديد ضرائب بنسبة 17% على مؤونات سبق أن كونتها التزاما لقرارات لجنة الرقابة على المصارف في مصرف لبنان.
هذه المؤونات وفق الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف، خصصت لتغطية خسائر سندات اليوروبوندز، التي توقفت الدولة عن دفعها منذ آذار/مارس 2020، وحددت مهلة التسديد بـ 31 آب/أغسطس 2025".
وفيما علت الصرخة من مصارف عمدت إلى إفراغ صرافتها الآلية (ATM’s) من الدولارات النقدية على خلفية هذا القرار الذي، وفق ما سرب عنها، يهدد سيولتها، بيّنت الأرقام أن حجم السيولة تحت الطلب للمصارف بنحو مليارين و500 مليون دولار"، وإن كانت غير موزعة بالتساوي على الـ 46 مصرفا العاملة في لبنان، إذ إن القسم الأكبر من هذه السيولة يعود إلى 10 مصارف على الأكثر.
مصادر وزارة المال رأت أن ثمة التباسا وقعت فيه المصارف حيال الضرائب المتوجبة على المؤونات المكونة مقابل سندات الدين الحكومية بالعملة الأجنبية، وما أثارته المصارف حيال المبالغ الإجمالية التي قدرتها المصارف بأكثر من مليار دولار ستسحب من سيولة المصارف هو "رقم مبالغ فيه، وفيه التباس واضح"، فيما الواقع أن "العملية بمجملها تقدر بين الـ 20 مليون دولار والـ40 مليونا"، خصوصا أن عملية الاحتساب هي وفق سعر صرف الـ 15 ألف ليرة.
وأوضحت أن "وزارة المال تطبق القانون، وتاليا لا يمكنها إلغاء هذه الضريبة إلا بتعديله"، مشيرة إلى أنه "سبق لمصرف لبنان أن فرض على المصارف تكوين مؤونات تصل إلى نسبة 75% من قيمة سندات اليوروبوندز التي تحملها لتغطية أي خسائر محتملة قد تطرأ، بما يعني أن مصرف لبنان طلب مؤونات بأرقام أكبر بكثير من تلك التي فرضتها وزارة المال.
وفيما كان يقترح خلف وضع الإطار القانوني لهذه المؤونات ضمن قانون إعادة هيكلة المصارف، أو تأجيل المطالبة بدفع الضريبة إلى أن يتضح مصير سندات اليوروبوندز، في وقت ليس ببعيد، من خلال قانون معالجة الفجوة المالية"، أكد لـ"النهار" أن الموضوع تمت معالجته بعد اجتماعات عدة عقدت مع المعنيين في وزارة المال، وأصبحت الضريبة وراء المصارف، بعدما اتضح أنها لن تؤثر على سيولتها، وسترفد خزينة الدولة بمبالغ معقولة.